Site icon IMLebanon

لبنان ما بعد  الاتفاق النووي

الرئيس نبيه بري مصرّ على تفاؤله بارتدادات الاتفاق النووي الايراني – الغربي على لبنان، وتحديداً على استحقاق رئاسة الجمهورية، بينما يكتفي حزب الله بالحديث عن فضائل الاتفاق، من دون الغوص في ترجماته اللبنانية، في حين لا يرى النائب وليد جنبلاط المشهد بالصفاء الذي يتحدثون عنه، ولا يبدو الأمر كذلك بالنسبة الى العماد عون، وكل من زاويته.

والانقسام يكاد يكون أفقياً، فالتفاؤل والتشاؤم موجودان لدى فريقي الأزمة اللبنانية ٨ و١٤ آذار، وليس من حصرية في الموضوع، وكلا الطرفين يحسب حساب الدخول في التفاصيل، والشيطان يكمن فيها كما يقولون.

من هنا سيكون الانتظار سيّد المواقف، انتظار خروج الاتفاق من نفق الكونغرس الأميركي ومن ثم من مهلة الأشهر الأربعة المرصودة للشروع بالتنفيذ، علماً ان ثمة ترجمات ميدانية فورية للاتفاق، بدأت تظهر على أرض اليمن، المدرج في رأس قائمة الحلول التسووية، بدلالة الانكفاء الحوثي المتسارع عن المرافق الأساسية في عدن.

وضمن المرتقبات اللبنانية حوارات على المستوى السعودي – الايراني، لاعادة الأوضاع الاقليمية التي استثمرتها طهران، من أجل الوصول الى اتفاق فيينا، لسابق عهدها من الاستقرار النسبي، ومع ان لبنان يقع في آخر درجات السلم، بحكم إصرار من يعنيهم الأمر، على ربطه بالوضع السوري، فان المعطيات النيابية ترجح أن لا يتأخر دوره كثيراً على صعيد الحلول الدستورية.

وأتى توصيف رئيس الحكومة تمام سلام لرئيس الجمهورية التوافقي البعيد عن ٨ و١٤ آذار، وتحديداً عن رباعي – عون – جعجع – الجميّل – فرنجيه بعد عودته من زيارة التعزية بالمرحوم الأمير سعود الفيصل ولقائه الرئيس سعد الحريري، بمثابة حفر وتنزيل للمتفائلين بالفرج الرئاسي القريب، يضاف الى ذلك حديث المعادلات الاقليمية الجديدة التي ترسم صورة وسطية ملونة للرئيس العتيد، بحيث يكون مقبولاً من ١٤ آذار ولا يزعج ٨ آذار، والعكس بالعكس.

طبعاً الصورة الرئاسية التي رسمها سلام لم تثر ارتياح من صنفهم كمرشحين غير توافقيين فيما هم يعتبرون أنفسهم المرشحين الأقوياء، وكان ردّهم بالعودة الى تحريك الجمهور وبنبرة أعلى، من خلال المواكب السيّارة وتوزيع المنشورات في الشوارع والساحات. وضمن هذا الحراك تذكير أوساط العماد عون بوعد حصل عليه عقب تسوية الدوحة، التي أتت بالرئيس ميشال سليمان الى قصر بعبدا، ومضمون الوعد ان يكون هو رئيس الجمهورية التالي، وعلى هذا الأساس مشى بانتخاب الرئيس سليمان، كما تقول الأوساط.

لكن يبدو ان لكل استحقاق استحقاقا مقابلا، ومن هنا اعتقاد مصادر وسطية، بأن السيناريو المطروح، يلحظ أولوية التعيينات العسكرية الأكثر ملحاحية، ومنها رئيس الأركان الذي يستحق تسريحه في السابع من آب القادم، فيما تنتهي ولاية قائد الجيش في الثاني والعشرين من أيلول، وثمة عرض منطقي وواقعي يقول بالآتي: اذا تقرر تعيين قائد جديد للجيش في الموعد المحدد لتسريح العماد قهوجي، يعيّن أيضاً رئيس للأركان محل اللواء سلمان، واذا تعذر التعيين لسبب من الأسباب، يتعين عدم السماح بفراغ هاتين القيادتين، وبالتالي تأخير التسريح للقائدين مرة أخرى…

يضاف الى ذلك، انه في حال التعيين لقيادة الجيش أو لرئاسة الأركان يفترض أن يدرك صاحب الرغبة أو المصلحة بأن حقّه وصله، وليس له أن يتطلع الى ما هو أكبر، لأنه اذا كانت القيادات العسكرية محكومة بالأهلية والخبرة والسجل الحافل، فان ما هو أكبر منها، تحكمه اعتبارات سياسية تتعدّى حقول الاختصاص، والجغرافيا الوطنية.

يقول الملك فريدريك: يستحيل تقليد الشاعر فولتير، ما لم يكن المرء فولتير…

ويضيف مصدر متابع للتطورات الرئاسية، قوله: يستحيل تقليد الرئيس التوافقي ما لم يكن المرشح توافقي الأصل والفصل.

وفي هذا السياق ثمة مثل عربي يقول: اذا غابت عنك الأصول، دلّتك الأفعال…