انفجار الازمة بين قطر وكل من السعودية ومصر والبحرين والامارات العربية المتحدة جاء اثر «اعلان الرياض» الذي صدر عن القمة الاميركية – العربية – الاسلامية واكد ان ايران تشكل تهديدا وخطرا في المنطقة، وسمى كل من حركة «حماس» و«حزب الله» وتنظيم «داعش» منظمات ارهابية فلم تمتثل قطر لمثل هذا التوصيف واظهرت تباينا في موقفها الذي اعتبر خروجا عن الاجماع «في مجلس التعاون الخليجي» وهي عضو فيه.
وكيف ستؤثر هذه الازمة التي لا تشبه ازمات اخرى حصلت بين السعودية وقطر، على لبنان الذي له دائما «قرص في كل عرس»؟
لقد استبق لبنان هذه الازمة بـ «ديبلوماسية وقائىة» عندما اعلن وزير الخارجية جبران باسيل بأنه لم يكن على علم «بإعلان الرياض» ولم يطلعه احد عليه وقد علم به وهو في طريق العودة الى بيروت، حيث هاجمت قوى سياسية لبنانية الوزير باسيل على موقفه الذي يضر بلبنان وعلاقاته العربية، ويدخله في لعبة محاور، الا ان الرد جاء من رئىس الجمهورية العماد ميشال عون الذي ايّد «تغريدة» باسيل على «تويتر» وهي تعبير عن موقف لبنان الرسمي، لان موقفه ينطلق من خطاب القسم والبيان الوزاري بتحييد لبنان عن الصراعات العربية والاقليمية والدولية وفق ما تؤكد مصادر وزارية في «تكتل الاصلاح والتغيير» بالرغم من الحملة العنيفة التي جاءت من وسائل اعلام سعودية ضد رئىس الجمهورية ولم يرد عليها لتخفيف الاحتقان ورفض وقوع اي خلاف ونشوب ازمة.
وكان لموقف رئىس الحكومة سعد الحريري في مجلس الوزراء بعد موقفي الرئىس عون والوزير باسيل، بالتأكيد على ان لبنان غير ملزم بما صدر في «اعلان الرياض» ليلتقوا على موقف لبناني وطني جامع لمنع حصول انقسام داخلي تقول المصادر اذ ان الحريري قدم ربط نزاع داخلي مع كل ما له علاقة بقضايا خارجية، فشارك «حزب الله» في الحكومة وهو يقاتل في سوريا ثم انتخب العماد عون رئىسا للجمهورية والمعروف موقفه المؤيد للمقاومة وسلاحها والعلاقة الايجابية مع سوريا ورئيسها بشار الاسد وعدم رفع العداء لايران، حيث شكل ذلك سقف آمان للبنان الذي يجتاز ازماته بأقل الخسائر الممكنة.
ففي الازمة السعودية – القطرية يقف لبنان على الحياد، وفي موقع «النأي بالنفس» وهو ليس معنيا بها تقول المصادر، لانه خلاف يقع ضمن «البيت الخليجي» وهو ليس بجديد، كما انه هو بحاجة لكل دولة عربية، لا سيما تلك التي يعمل فيها لبنانيون منذ عقود، ولا يتدخلون بشؤونها لا بل هم من ساهموا باعمارها وتقدمها وازدهارها، من خلال عقولهم ومهنهم واستثماراتهم فيها وان التعامل الايجابي كان من الطرفين.
«فاعلان الرياض» يلزم دولاً ولبنان ليس منها لان فيه ورد ان «حزب الله» تنظيم «ارهابي» وهذا ما لم يمكن قبوله لانه مصنف لبنانيا كمقاومة حررت الارض، وتقيم توازن رعب مع العدو الاسرائىلي وتكمل مهمة الجيش في الدفاع عن لبنان سواء بوجه «اسرائىل» او الجماعات التكفيرية الارهابية، وهذا موقف يعرفه كل العالم، ويتم ابلاغه الى المراجع الدولية والاقليمية، لذلك كان التأكيد في مجلس الوزراء على عدم التزام لبنان بأي بيان او قرار، يذهب به الى حرب اهلية والتي يتجنبها اللبنانيون وقد حاول القرار 1559 الصادر عن مجلس الامن الدولي في 2 ايلول 2004 والذي طالب بحل الميليشيات والمقصود المقاومة وتسليم سلاحها، توريط لبنان بفتنة سعى اليها، من خلال اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ثم بمطالبة اطراف لبنانية «حزب الله» تسليم سلاحه وبرز ذلك في اثناء العدوان الاسرائىلي على لبنان صيف 2006، ثم في تفكيك شبكة اتصالاته في ايار 2008 لكنه تمكن من الخروج من كل محاولات اشعال الحرب الاهلية التي كانت دائما تأتي لاسباب داخلية انما بعضها لاهداف خارجية.