IMLebanon

خصوصية لبنان تنأى به عن نزاعات المنطقة

 

تركت جولات الموفدين الإقليميين إلى لبنان أكثر من دلالة من خلال الظروف الدقيقة والحساسة التي أحاطت بهذه الجولات، ولا سيما زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيظ، خصوصاً وأن زيارة ظريف تفاوتت خلالها المواقف المرحبة والمنددة، وأقله تلك التي أشارت إلى أن هناك تفاعلا للدور الإيراني في لبنان من خلال حزب الله الذي له ارتباطات وثيقة مع طهران، في وقت أن زيارة أبو الغيظ جاءت بعد القمة الاقتصادية العربية التي انعقدت في لبنان مؤخراً وبالتالي لها ارتباط وثيق بنتائج هذه القمة.

فعلى خط زيارة أمين عام الجامعة العربية، تقول مصادر متابعة وعلى صلة مرتبطة بأجواء هذا الحراك الإقليمي باتجاه لبنان، أن أبو الغيظ أتى إلى بيروت لترجمة ما تمخض عن القمة العربية الاقتصادية التنموية الأخيرة، لا سيما وأن هناك سلسلة مقررات بحاجة لمتابعة وكون لبنان من يترأس الدورة الحالية للقمة العربية فمن الطبيعي أن يتم التشاور معه حولها، كذلك هناك تحضير واستعدادات للقمة العربية في كل من شرم الشيخ وتونس، وللبنان دور أساسي في هذه المؤتمرات بحيث سيتم التواصل والتنسيق معه من أجل متابعة جدول أعمال هذه القمم على كافة المستويات، وكان هناك تمنٍّ بالمشاركة الفاعلة على أساس أن قمة بيروت كانت ناجحة ويجب مواصلة التنسيق مع المسؤولين اللبنانيين ووضع خبرتهم في كل المجالات.

وفي الشأن السوري تلفت المصادر إلى أن هذا الموضوع تمّ بحثه مع كافة المسؤولين الذين التقاهم أمين عام الجامعة العربية ويمكن القول إنه ليس هناك من أي خطوة قريبة لعودة سوريا إلى الجامعة العربية على أساس أن ذلك يلزمه تشاور وإجماع عربي، وهذا الملف يتم بحثه بشكل دقيق ولكن حتى اليوم ليس من أي أجواء توحي بأن هذا الملف بات في لمساته الأخيرة بل لا زال في دائرة البحث، ومن الطبيعي والواقعي أن هناك كلمة لعواصم القرار التي لها دورها وشأنها وتحديداً في سياق التواصل بين كل من واشنطن وموسكو.

وبالعودة إلى زيارة وزير الخارجية الإيراني، فإنها جاءت على خلفية التطورات الأخيرة في المنطقة، وبعد تشكيل الحكومة اللبنانية، وكانت العروض الإيرانية الاقتصادية والتنموية وغيرها بما فيها موضوع السلاح الذي كان أساساً للزيارة بغية تفعيل العلاقة اللبنانية – الإيرانية، ولكن المصادر المواكبة ترى أن هذه القضية سابقة لأوانها في ظل العقوبات المفروضة على إيران، ولا يمكن للبنان أن يكون خارج الإجماع الدولي، وهناك دول مانحة كان لها دورها في مؤتمر «سيدر» ناهيك إلى أن التسليح الأميركي للجيش اللبناني جارٍ على قدم وساق فثمة خصوصية للبنان من الصعوبة الخروج عنه في هذه المرحلة، بل يمكن تدوير الزوايا في مسألة التعاطي والتنسيق مع إيران أو التعاون في نواح معينة، ولكن التطبيع والدخول في بروتوكولات اقتصادية وأمنية وغيرها دونه صعوبة.

وأخيراً، فإن هذه الزيارات وفي التوقيت الحالي لها إيجابيتها في سياق الدعم للبنان إنما المخاوف تكمن في إغراق لبنان ضمن سياسة المحاور الإقليمية، وفي خضم هذه التطورات والتحولات والمتغيرات في المنطقة مما يؤدي إلى المزيد من الانقسامات على الساحة الداخلية، وبالتالي من شأنه كذلك أن يترك انعكاسات سلبية على صعيد الدور اللبناني والعلاقة بينه وبين الدول الأوروبية وواشنطن أمام مؤتمر وارسو المرتقب والمخصص لفرض عقوبات جديدة على إيران، وفي هذه الحال فإن البلد يسير في اتجاه سياسة النأي بالنفس لتحييده عن هذه الصراعات والانقسامات، وقد سبق له وأن اجتاز مطبات في هذا السياق، وإن كانت المرحلة الراهنة أدق وأصعب من السابق في ضوء هذه العقوبات الدولية على طهران والتي تفاعلت في الآونة الأخيرة بشكل غير مسبوق من دون إغفال حساسية دور حزب الله على الساحة المحلية لارتباطه الوثيق بإيران.