دفعت الأحداث السياسية التي تمرّ بها البلاد والمتمثلة باستقالة رئيس الحكومة سعد الحريري وكالةَ التصنيف الائتماني «موديز» الى التحذير من إمكانية تراجع التصنيف الائتماني في حال طال الجمود السياسي». الى أيّ حدّ يمكن أن يؤثّر خفضُ التصنيف في الوضع الاقتصادي في لبنان؟
حذّرت وكالة موديز للتصنيف الائتماني من أنّ تقلل الاستقالة المفاجئة لرئيس الحكومة سعد الحريري الثقة في القطاع المصرفي للبلاد وإلى تراجع تصنيفه الائتماني. وكان اثار اعلان الحريري استقالته، الخشية من تأجيج التوتر السياسي في البلاد ومن انعكاسات سلبية على الوضع الاقتصادي الهش أصلاً.
كما اعلنت «موديزّ أنّ استقالة الحريري «تهدّد ببلبلة الميزان السياسي الهش» الذي وُضع خلال العام الذي شغل فيه الحريري منصبَ رئاسة الحكومة.
ومنذ التسوية التي أوصلته إلى سدة رئاسة الوزراء وتشكيله الحكومة في أواخر 2016، شهد لبنان هدوءاً سياسياً نسبياً، وتراجعت حدّة الخطاب السياسي اللاذع.
ومن شأن استمرار الجمود السياسي الناتج عن استقالة الحريري، التي أتت بعد شهر واحد على إقرار موازنة للمرة الاولى منذ 12 عاماً، أن يقوّض «التحسينات المؤسساتية ويعرّض القطاع المصرفي لخسارة في الثقة».
وتشير تقديراتُ «موديز» إلى «إمكانيةٍ كبيرةٍ لتراجع التصنيف الائتماني في حال طال الجمود السياسي». وتصنّف «موديز» لبنان على مستوى «بي 3» مع آفاق مستقرّة.
سويد
وتعليقاً على بيان «موديز»، اعتبر الخبير الاقتصادي مازن سويد أنّ تحذير «موديز» هو دليل على أنّ المشكلات الأساسية في لبنان هي مشكلات سياسية وليست اقتصادية، وللأسف يدفع الاقتصاد اللبناني دائماً ثمناً سياسياً وليس العكس كما هو سائد في كل بلدان العالم.
ولفت الى أنّ البلاد تمرّ أساساً بركودٍ اقْتصادي وكنا نتوقع أن ترتفعَ معدّلات النموّ في العام 2018 الى ما فوق الـ 2 في المئة، أما اليوم وبفضل الأجواء السياسية قد لا يزيد النموّ عن 1 في المئة إذا ما وُجد حلّ لهذه الأزمة.
وأشار سويد الى أنّ «موديز» تستند في تقييمها أو تحذيرها الى معدلات النموّ المسجّلة، بحيث إنّ أيَّ نموٍّ منخفض سيؤدّي الى رفع الدين نسبةً الى الناتج المحلّي، والى رفع العجز نسبةً الى الناتج المحلّي.
واعتبر سويد أننا مظلومون في هذا التقييم لأنّ غالبية ديوننا هي مع المصارف اللبنانية، وديون المصارف في غالبيتها أيضاً تعود الى المودعين اللبنانيين، وقد أثبت هذا النظام متانته وقدرته على امتصاص الصدمات على مدى عشرات السنين.
تابع: أنّ الاقتصاد اللبناني اكتسب في ظلّ الأزمات التي مرّ بها على مدى السنين مناعةً قويةً وخبرة، إلّا أنّ مؤسسات التصنيف محكومة بمؤشرات معينة تبني عليها وبالتالي إذا تراجعت هذه المؤشرات تلجأ الى تغيير تصنيفها، لافتاً الى أنه في حال تغيّرت المؤشرات فهذا لا يدل على أنّ الاقتصاد اليوم دخل بمرحلة خطرة.
أما في حال عمدت «موديز» الى خفض التصنيف، فلا شك أنّ هذه الخطوة تعَدّ سيّئة للاقتصاد وقد تُضطر الدولةُ بموجبها الى الاستدانة بمعدلات فائدة أعلى كانعكاسٍ لتراجع التصنيف.
ورداً على سؤال، عن مدى تأثّر لبنان بإقدام المصارف السعودية على تجميد نحو 1200 حساب مصرفي، استبعد سويد أن يكون هناك الكثير من المودعين السعوديين في لبنان، إذ إنّ غالبية الودائع الموجودة اليوم في مصارف لبنان هي للبنانيين سواءٌ مقيمين أو غير مقيمين، وإنّ أيّ ودائع أخرى لن تؤثر في نموّ الودائع أو حركتها.
وعن التحويلات، أكد سويد أنّه خلال اليومين الأوّلين من هذا الأسبوع لم نلحظ أيّ حركة غير اعتيادية في التحويل من اللبناني الى الدولار أو في التحويل الى الخارج، مشدّداً على أنّ التطمينات التي بعثها حاكمُ مصرف لبنان كان لها دورٌ في ذلك.