Site icon IMLebanon

مشكلة لبنان الحقيقية

الحوار، هو نصف الطريق الى الوفاق.

ومن دون حوار لا وفاق.

والحوار في الخارج، اختصار للاشكالات والتباينات.

قبل سنوات ذهب الرئيس بري الى قصر الأليزيه.

وفيه كان لبنان الواحد سيّد الساحة.

أما في بروكسل فقد التقى رئيس البرلمان، النواب الأوروبيين، وفي أذهان الناس، ان ما بين فرنسا وبلجيكا ودول الاتحاد الأوروبي، المسافة نفسها، ما بين قصر الأليزيه وقصر فرساي.

وكأنّ الرئيس بري حمل معه الى عاصمة دول الاتحاد الأوروبي خلاصة المناكفات اللبنانية، حول لبنان الكبير، ولبنان الصغير.

عندما تطرّق النواب الأوروبيون الى التوطين السوري في لبنان، قال رئيس المجلس النيابي اللبناني: لا للتوطين السوري الآن، كما قلنا الكلام نفسه ضد التوطين الفلسطيني.

صحيح ان التوطين يفرض نفسه منذ العام ١٩٤٧، لكنه، وفي ظروفٍ عديدة، قال اللبنانيون، لا قاطعة ضد التوطين الفلسطيني، كما يقولون الآن الكلام نفسه ضد التوطين السوري.

صحيح ان ثمة مليوناً ونصف مليون سوري لجأوا الى لبنان، والصحيح أيضاً، ان الأوروبيين يهبّون لإبقائهم في لبنان والأردن.

إلاّ أن الصحيح ان لبنان، أكد للدول الأوروبية، ان الشعب السوري يرفض التوطين خارج بلاده، وفي أرض غير أراضيه.

ويقول العارفون في الأسرار، ان رئيس البرلمان، ما كان ليذهب الى أوروبا في هذا الوقت، لولا الحاجة الى كبح جماح دعاة التوطين!!

وهذا، ما ينبغي ان يفهمه ويتفاهم عليه، روّاد الأزمات الراهنة والسابقة.

ولعلّ الهبّة اللبنانية دفاعاً عن المواقف السعودية، هي جزء من تداعيات المشكلة، وما يترتّب على النزوح السوري الى لبنان من أزمات وكوارث.

وهذه المخاوف تزداد، في ظلّ تفاقم الفراغ في موقع الرئاسة الأولى، والبلد موجود على شفير كوارث سياسية وانمائية.

ولعلّ هذه المخاوف، هي التي تطرح احتمالات التغريد على وسائط الاعلام الالكتروني، لأن كثافة التكرار، مثل كثافة العلل في الجسم.

والحكومة المتلاشية، تطرح أخطار انهيار الكيان اللبناني، في خضم تعاظم تداعيات الضمور السياسي.

انطلاقاً من هنا، ينبغي للبنانيين عدم الاستهانة بما حدث خلال الأيام الأربعة الماضية.

ومراجعة دقيقة للأحداث، منذ عصر ايزنهاور الى الآن، تكشف ان غياب الرئيس الأميركي الراحل، يتلازم مع رحيل جمال عبدالناصر، وظهور الفتنة في الخمسينات، مع حركة الضباط الأحرار في مصر، والانقلاب العراقي العام ١٩٥٨، وسحل نوري السعيد في شوارع بغداد.

وهذه المراجعة تقتضيها العبرة مما جرى، لأن ما حدث في لبنان في العام ١٩٦٨، وما قبله وما بعده، يشير الى ان مشكلة لبنان تكمن في تكبير الكيان أو تصغيره، وهذا ما لا يفهمه بعد الكثيرون ذوو الرؤى المستحيلة في زمان الكونفيدراليات، مؤشر أساسي الى المستقبل المخيف لدول المنطقة.