IMLebanon

أمن لبنان خط أحمر.. وإعادة النازحين السوريين تحصل بالتنسيق مع سوريا 

 

 

لم يعد ملف النازحين السوريين يرتبط فقط بتغيير الديموغرافيا في لبنان وهو أمر شديد الخطورة، إنّما وصل الى الخط الأحمر أي الى زعزعة أمن البلاد واستقراره، لا سيما في ظلّ انتشار السلاح بين أيدي النازحين وارتكاب عدد كبير منهم أعمال العنف والجرائم ضد اللبنانيين في مناطق لبنانية عديدة، بحسب وثائق وأرقام قوى الأمن الداخلي التي أكّدت تخطّي نسبة مرتكبي الجنح والجنايات من سرقات وأعمال شغب وسواها الى 61 % من عدد جميع الموقوفين. ولهذا بدأت المعركة السياسية والأمنية لإعادة النازحين السوريين الى بلادهم التي يسود فيها الأمن والاستقرار في 10 محافظات على الأقلّ، ما يسمح لهم بعودتهم اليها، رغم عدم تجاوب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان ولا المجتمع الدولي مع مطالب لبنان بمساعدته على إعادتهم، وفق خطة شاملة تحفظ لهم عودة أمينة وآمنة الى مناطقهم.

 

وتشرح أوساط ديبلوماسية مطّلعة آخر التطوّرات في ملف النازحين السوريين في لبنان بأنّ لا مثيل له في أي دولة في العالم، إذ ليس من أي دولة لجوء موقّعة على اتفاقية فيينا تستضيف أكثر من نصف عدد سكّانها. فيما يستضيف لبنان، غير الموقّع على هذه الاتفاقية، ما يجعل السوريين نازحين فيه وليس لاجئين، مليونين و80 ألف نازح سوري، أي ما يوازي نصف عدد سكّانه، ما يطرح مسألة تغيير ديموغرافية لبنان، والمسّ بتاريخه كما بكيانه. فبقاء النازحين السوريين بتشجيع خارجي، لا سيما من قبل الولايات المتحدة الأميركية، كما من قبل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان، ليس لأهداف إنسانية أبداً، على ما يجري الترويج له، لأنّ من يهمّه الإنسان وحقوقه، يعمل من أجل أن يستعيد هذه الحقوق وأبرزها تحقيق العودة الى دياره والعيش فيها عيشة كريمة، وليس لنزعها منه والتفتيش له عن بلد آخر يجري توطينه فيه، على ما يجري بالنسبة للنازحين السوريين في لبنان.

 

وذكرت الاوساط بأنّ اتهام لبنان بالعنصرية والتعصّب يشكّل ذريعة واهية، فيما لا يُعتبر ترحيل اللاجئين السوريين من دول عديدة في العالم مثل ألمانيا، بسبب أعمال التحرّش ولأسباب أمنية وغيرها، أو من تركيا والأردن، تعصّباً أو يحمل أي معنى من معاني العنصرية. فلبنان استضاف النازحين السوريين الذين هربوا من المدافع وخطر الموت حفاظاً على سلامتهم وسلامة أبنائهم منذ بدء الأزمة في سوريا في آذار 2011 بكلّ طيبة خاطر وعاملهم بإنسانية، خلافاً لسائر الدول المستضيفة لهم كلاجئين… ففي دول اللجوء جرى تخصيص خيم لهم على الحدود، ومُنعوا من دخول البلاد، ولم يُسمح لهم بالسكن في جميع المناطق أو القيام بما يحلو لهم، والعمل في المهن على اختلاف أنواعها على ما يجري في لبنان، رغم أنّ القانون اللبناني قد حدّد أعمال السوريين في ثلاثة هي: أعمال البناء والنظافة والزراعة.

 

غير أنّ الحرية التي تنعّم بها السوريون في لبنان، وغياب الدولة ورقابتها عليهم، على ما أشارت الأوساط الديبلوماسية، قد سمحا لهم بامتهان جميع المهن، منافسين بذلك اللبنانيين، فوسّعوا أعمالهم ما أدّى الى مواجهات مناطقية بين بعضهم وبعض المواطنين اللبنانيين، الذين يعانون أساساً من تدهور الوضع الاقتصادي والمالي. كما أصبحوا يذهبون الى سوريا ويعودون منها، على غرار ما يفعل السيّاح الذين يتنقلّون من بلد الى بلد آخر حدودي برّاً. وسجّل آخر ذهاب وإيّاب لهم، بحسب الأرقام الرسمية: ذهاب 37 ألف نازح سوري الى سوريا خلال عطلة عيد الفطر وعودتهم الى لبنان بعد انتهائها. وقد طرح هذا الأمر، أسئلة كثيرة هي برسم المجتمع الدولي حول صفة “النزوح” التي تعطى لهؤلاء، ما يجعل كلّ منهم يحصل على “بطاقة نازح”، كما على مساعدات مالية بالفريش دولار، وعينية وسواها، فيما يعاني غالبية اللبنانيين من انهيار القدرة الشرائية لليرة اللبنانية التي لا يزالون يقبضون على أساسها، وترفض المجتمعات الدولية تقديم المساعدات للبنانن إلّا بشروط تفرضها على المسؤولين السياسيين.

 

وتقول الأوساط انّه، بحسب المعلومات المتوافرة لدى مفوضية اللاجئين، فإنّ الدول المجاورة والقريبة من سوريا تستضيف أكثر من 5.6 مليون لاجىء سوري. وهذا الرقم أعلنته قبل الزلزال الأخير الذي ضرب تركيا وسوريا في 6 شباط الماضي، وأدّى الى هجرة عدد جديد وكبير من السوريين من البلدين الى لبنان. ما جعل عدد النازحين السوريين، بحسب التقديرات يصل في لبنان الى نحو مليونين و200 ألف. وإذا حسمنا هذا الرقم من عدد النازحين الى دول الجوار، فإنّ هذا يعني أنّ جميع دول المنطقة مثل تركيا والأردن ومصر وسواها تستضيف مجتمعة 3.4 مليون سوري، أي أنّ لبنان يستضيف أكبر عدد من النازحين نسبة الى صغر مساحته الجغرافية وقلّة موارده. علماً بأن لا مجال للمقارنة بين هذه الدول وبين لبنان من حيث كبر حجمها، ومواردها وكثافة سكّانها. ما يجعل وجود السوريين على أراضيها لا يشكّل سوى نسبة ضئيلة فيها، ولا يؤثر لا في ديموغرافيتها ولا في كيانها، فيما يصل في لبنان الى نحو 50 % من نسبة عدد السكّان الذين يعيشون على الأراضي اللبنانية.

 

لهذا، تضيف الاوساط انه لم تعد مسألة النازحين السوريين في لبنان، تقتصر على الخشية من مخطط توطينهم فيه، رغم أنّ الدستور ينصّ على رفض التوطين، وثمّة قرار سياسي موحّد برفضه أيضاً، إنّما تعدّى ذلك الى الخوف من تفجير الوضع الأمني الداخلي. هذا الأمر الذي جعل الأجهزة الأمنية تتحرّك، على ما عقّبت الأوساط عينها، لوقف عمل شبكات من النازحين السوريين تسعى الى توتير الوضع الأمني في البلاد. وقد جاء وزير الخارجية الإيراني الى بيروت بالأمس ليُذكّر بأنّ أمن لبنان كدولة مهمّة في المنطقة، من أمن المنطقة ككلّ. وهذا يعني أنّ المساس بأمن لبنان هو خط أحمر، ولا يجوز لأي كان أن يتخطّاه.

 

وترى الاوساط أنّ وقف هذه القنبلة الموقوتة يدخل ضمن صلاحيات الحكومة ، وإن كانت حكومة تصريف للأعمال، كونه أمرا طارئا جدّاً وملحّا. فهذا العدد الكثيف من النازحين السوريين والمتزايد يوماً بعد يوم، في ظلّ الغياب الفعلي للدولة، هو الذي أدّى الى حالات التفلّت التي شهدناها أخيراً في مناطق عديدة، والفوضى والعشوائية. علماً بأنّ هناك من يستثمر في هذا الموضوع على حساب لبنان، غير أنّ الحكومة فرملة الجوّ السائد، وتركت زمام الأمور للأجهزة الأمنية. فيما المطلوب أن يقوم وزير الشؤون الاجتماعية بالتنسيق مع دمشق، فضلاً عن ضرورة تطوير الاتصالات مع سوريا من أجل وضع خطّة شاملة لإعادة النازحين من دون انتظار أي قرار دولي أو أممي. فكما جاؤوا من تلقاء أنفسهم، يمكنهم العودة بالتنسيق مع المسؤولين في بلادهم.

 

أمّا المفوضية، التي ترفض إعطاء الداتا حول المسجّلين لديها، فتقول الأوساط عينها انّها لا تملك الداتا المتعلّقة بجميع النازحين السوريين على الأراضي اللبنانية، إنّما فقط بأقلّ من نصف عددهم. كما ترفض عودتهم من خلال رفع قيمة المساعدات المقدّمة لهم في لبنان، بدلاً من مساعدته على إسقاط صفة النزوح عن نحو 500 ألف نازح مسجّلين لديها، بحسب أرقام الأمن العام، ويتنقّلون بين لبنان وسوريا شهرياً وإعادتهم الى مناطقهم، واستمرار تقديم المساعدات لهم فيها.

 

وأفادت المعلومات أنّ ترحيل السوريين من لبنان لم يشمل سوى 70 شخصاً من المتورّطين في عمليات سرقة منها أسلاك كهربائية وألواح حديدية، وجرس كنيسة مار أنطونيوس في برمّانا، وقد تبيّن أنّهم دخلوا الى لبنان بطريقة غير شرعية. الأمر الذي يحصل مع أي أشخاص مرتكبين آخرين الى أي جنسية انتموا.