Site icon IMLebanon

حين يتحدث لودريان عن إسقاط الحصرية الحريرية كخيار أفضل للبنان

 

حكومة الأقطاب هكذا وُلدت بطريركياً.. وهذا موقف الفاتيكان من الهجوم على الرئاسة

 

لم يكن طرح البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي حكومة أقطاب من خارج سياق اجتماعه الخميس برئيس الجمهورية العماد ميشال عون. صحيح أن الإقتراح جاء وليد ساعته، في إطار النقاش في الملف الحكومي، لكن ما سهّل الوصول إليه استذكار الراعي مرارا تجربة الرئيس فؤاد شهاب الذي في عهده تشكلت حكومة الأقطاب الأربعة الذائعة الصيت والفعل، والأهم استياؤه المطلق مما حمله بيان تيار «المستقبل» من شتائم وذم وقدح في حق رئاسة الجمهورية، بلا أي سبب سوى الرغبة في شد العصب وإستنفار العصبية.

وحكومة الأقطاب الرباعية المستعادة بطريركياً، هي تلك التي شكلها الرئيس فؤاد شهاب بعد أحداث العام 1958، و استطاعت احتواء ارتدادات الحرب الأهلية المصغّرة لتنصرف بعدها إلى مأسسة الدولة والنظام.

إطلع الراعي على بيان تيار «المستقبل» وهو في السيارة في طريقه الى القصر، ما حدا به فورا وتلقائيا الى صرف النظر عن فكرة كانت تراوده لرتيّ الإنقطاع بين عون والرئيس المكلف سعد الحريري.

لاح في ذهن البطريرك كل ذلك التنكيل الممنهج بالرئاسة المارونية. إستنفر نفسه والمحيطين لأن كرامة رئاسة الجمهورية لا يعلو عليها متوترون، وأن لا ينتقص منها السباب والشتم، فما وجد سوى فكرة حكومة الأقطاب مخرجا حتّمه تعثر استيلاد حكومة الإختصاصيين، بعدما ثبت له مكمن التعطيل والعطب ومنبت الإنسداد، وهو ما أبلغه إلى الفاتيكان في تقرير مفصل بناء على طلب من البابا فرنسيس، انطوى على تحميل الرئيس المكلف شخصيا المسؤولية عن تعطيل المسار الحكومي.

وسبق للراعي أن تلمّس مرارا مكمن العطب الحكومي في الأسابيع الأخيرة، وخصوصا في المحطات حين كان يستأخر الحريري التجاوب مع مبادرته تسهيل الحكومة والرد على مجموعة من الأفكار البطريركية، إما لسفر مستجد، وإما لعودة مستأخرة، وإما لذريعة الحاجة الى مزيد من التشاور والنقاش مع فريقه وحلفائه، الى جانب إتهام الرئيس المكلف صراحة على مسمع البطريرك في لقاء غير معلن في مطرانية بيروت للموارنة، حزب الله بالتعطيل، وهو ما توقف عنده الراعي مستغرباً.

وتكونت لدى البطريرك، بنتيجة  قناعة لا يرقى اليها الشك، بأن الرئيس المكلف يناور لعدم قدرته على التشكيل نتيجة استعصاءات محلية بنكهة خارجية، وهو ما قد يحدوه علنا الى صرف النظر عن دعم إستمرار الحريري في تنكب مهمة تشكيل الحكومة الموعودة.

ولا يُخفى ان الفاتيكان، هو الآخر، مستاء من اداء الرئيس المكلف منذ أن خرج من لقاء الباب فرنسيس مطلقا عنان الهجوم على رئيس الجمهورية. وما زاد الإستياء والسخط البادي والواضح التقارير التي وصلت الى الدوائر الرسولية في الأيام الأخيرة عن خطاب الشتم، وهو ما لا يمكن للفاتيكان إستيعابه، وخصوصا ان الشتيمة تُكال الى رئاسة الجمهورية، المسيحية المارونية الوحيدة في هذا المشرق، والمنكِّهة لدوله وأنظمته.

لذا تعمد الفاتيكان في الأسبوعين الاخيرين بعث رسائل تأييد لرئاسة الجمهورية، من بينها رسالتان رسميتان علنيتان وثالثة غير علنية، تؤشر بوضوح الى الإستياء العارم، على أن يكون الاجتماع المسيحي الجامع الذي دُعي اليه القادة الروحيون مع بداية تموز المقبل محطة هامة في سياق البحث الفاتيكاني المكثف عن حل لإستفحال الأزمة اللبنانية، حكوميا واقتصاديا واجتماعيا.

بالتوازي، عادت باريس الى المشهد عبر جولة من الاتصالات أجراها المستشار الرئاسي باتريك دوريل، شملت، فيما شملت، رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.

وأعاد الإليزيه تنشيط مشاوراته اللبنانية بعدما لاحت له فرصة إستعادة زمام مبادرته الإنقاذية. هو يبحث في إمكان إيفاد دوريل لكنه ينتظر اتضاح الصورة.

وكان لافتا أن دوريل تعمّد نفي ما تردد لبنانيا عن لقاءات أجراها الحريري في باريس مع مسؤولين فرنسيين. كما لم يخفِ استغرابه للغاية من تسريب معطيات خاطئة والجهة التي تقف خلفها.

لكن ما يجدر التمعن فيه أن المقاربة الفرنسية تتغيّر تدريجا، وباتت تتخذ منحى جديدا قد يذهب حد إسقاط فكرة حتمية الرئاسة الحريرية للحكومة، نتيجة ما تكوّن لدى باريس من معطيات في الأسابيع الأخيرة، وخصوصا منذ زيارة وزير الخارجية جان إيف لودريان.

وثمة في هذا السياق، معلومات على أهمية بالغة وصلت الى بيروت في الأيام الأخيرة، استندت أساسا إلى كلام للودريان في مناسبة ذات طابع لبناني، قال فيه صراحة لمجالسيه أنه قد يكون من الأفضل للبنان إسقاط صفة الحصرية الحريرية والإنفتاح على خيارات أخرى.