السؤال طرحه الديبلوماسي الأوروبي الغربي الصديق المعروف عنه أنه يتابع الإعلام اللبناني بالتفصيل، ولا يفوته أن يسمع ويشاهد ويقرأ وسائط إعلامنا بما فيها المواقع الالكترونية البارزة. اتصل أمس، في إطار لقاءاتنا شبه الأسبوعية، ليستهل سائلاً: متى ستكرِّمون، أنتم معشر الإعلاميين، «صاحبنا»؟ ولما استوضحته عمّن يكون صاحبنا، أجابني: مسيو جان – إيف لودريان. وأدركت أنه يمازحني، فسألته بدوري: والسبب الموجب لهكذا تكريم؟ فأجاب: مَن يدأب على متابعة الإعلام اللبناني، منذ أشهر وحتى الآن، يُخيّل إليه أن ليس عندكم مادة دسمة تتعاملون معها غير هذا الفرنسي التائه بين مَهَمّةٍ مستحيلة في لبنان ومهمة «واعدة» في المملكة العربية السعودية و…
قاطعته قائلاً: وأين الغرابة في ذلك، فالرجل مكلّفٌ دوراً مشكوراً عليه في قضية لبنانية مركزية ومصيرية (الاستحقاق الرئاسي)، ومن الطبيعي أن يسرق الأضواء وبالذات لأنه يأتي موفَداً من رئيس البلد الذي ارتبط تاريخ لبنان به منذ أربعة قرون، وأنت أدرى بهذا الملف الذي أعرف أنه بين يديك في بعض جوانبه.
قال: صحيح، ولكن أن يستأثر لودريان بهذا الحجم الكبير من المادة الإعلامية عندكم، فهذا ما لا أرى له مثيلاً في بلد من المعمورة يتعامل مع موفَدِين أجانب. افتح يا صديقي صحفكم وأقرأ العناوين الرئيسة من «المانشيت الأولى»، الى المقالات السياسية، فهل تجد واحداً منها، إلّا نادراً، يخلو من اسم لودريان! هل من مقال سياسي لا يستأثر الرجل بجانب كبير منه! هل من مقدمة أخبار تلفزيونية لا تُسْتَهلّ بالكلام على موفد قصر الإليزيه. اسمح لي أن أفتح هلالَين لأعرب عن استغرابي للمقدّمات المطولة قبل نشرات الأخبار التلفزيونية، فهذه البدعة غير موجودة في أي بلد آخر يحترم إعلامُه الجمهور المتلقّي.
واسترسل يقول: يا عزيزي ارحموا هذا الديبلوماسي العجوز الذي لو قرأ أو نُقِل إليه ما يتناوله به الإعلام اللبناني لأُصيب بدوخة. فما تنقلونه عنه أو تنسبونه إليه أو تقوّلونه إياه فيه من التناقض والاختلاف ما لا يقبله عقل. أكرّر: ارحموا هذا الديبلوماسي العريق واحترموا عمره. فكيف يُعقل أن ينقل عنه نواب (كلامهم مسجل بالصوت والصورة) أن المرشحَين الرئاسيين اللذَين تنافسا في جلسة 14 حزيران قد فشلا وآن الأوان لمرشح الإجماع أو التوافق، وفي الوقت ذاته ينفي رئيس مجلس النواب أن يكون لودريان قد قال له ذلك، وبالعكس فإن المبادرة الفرنسية مستمرة بمنطلقاتها. فكيف يصحّ هذا؟
أجبته هذا يصح مع موفد الرئيس إيمانويل ماكرون، لأنه أراد إسماع كل فريق ما يحب أن يستمع اليه(…).