Site icon IMLebanon

خُلاصة لودريان: لا أمل من الحكومة

 

 

الأصداء التي تركها وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان بعد الرسائل المُتشدّدة تجاه السلطة السياسية، أفضت إلى خلاصات لا تُشجّع بلاده على مساعدة لبنان، لأنّ المسؤولين فيه ليسوا على استعداد للقيام بما عليهم كي يُشجّعوا الآخرين على دعمهم. كرّر لازمة “ساعدوا أنفسكم لنساعدكم”، ليس فقط قبل اكتمال لقاءاته مع الرؤساء الثلاثة، بل بعدما التقاهم جميعاً، وقبل دقائق من توجّهه إلى الطائرة، إثر لقائه مع المؤسسات التربوية في المشرف بعد ظهر الجمعة.

 

أهمّ الأصداء التي تردّدت بعد الزيارة تتلّخص بالآتي:

 

1- إن فرنسا والدول الأوروبية توصّلت إلى قناعة، قبل مجيء لودريان، تكرّست إثر الزيارة، بأنه لا يُمكن التعويل على الحكومة الحالية في القيام بالإصلاحات المطلوبة، لتعثّر مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي الذي يعتبره المجتمع الدولي ممرّاً إجبارياً للإصلاحات، بعد مرور زهاء ثلاثة أشهر على انطلاقها. هذا فضلاً عن اشتراط النأي بالنفس عن صراعات المنطقة. فالخيبة الفرنسية من حكومة حسّان دياب، تعبير عن موقف أوروبي نتيجة تقييم اجتماعات فرنسية ـ بريطانية ـ المانية مع الجانب الأميركي في باريس، وأخرى عُقدت أيضاً مع دوائر الفاتيكان في روما قبل أسابيع، قادت إلى إبلاغ وزير الخارجية ناصيف حتي لتلازم الإصلاحات مع الاتفاق مع صندوق النقد والنأي بالنفس. وبذلك، تنضمّ باريس وبروكسل إلى قناعة أميركية وعربية بصعوبة توقّع شيء من الحكومة طالما يتحكّم بقراراتها ونهجها “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”. وتُشير الأوساط السياسية التي تبلّغت بهذه النتيجة بعد زيارة لودريان، إلى أنّ باريس أُصيبت بخيبة كبرى من الحكومة بعدما كانت ساهمت مطلع السنة، في إقناع واشنطن بإعطائها فرصة بحجّة أنها أفضل من الفراغ، ولأنّها تضمّ وزراء مستقلّين واعدين، تبيّن أنّ أداءهم يخضع لنفوذ القوى المُسيطرة على الحكومة أو تعوزهم الخبرة… وعليه، فإن المراهنة الفرنسية الأوروبية “أضاعت على البلد خمسة إلى ستة أشهر” من التجارب، بدل الإقدام السريع على إصلاحات تُعيد شيئاً من الثقة بالسلطة، وتفتح الباب على تأمين حد أدنى من المساعدات المالية، تُعين لبنان على تحريك الإقتصاد وتطبيق خطّة تصحيح مالي برفع موارد الخزينة للسنوات المقبلة.

 

2- إن عزلة الحكومة الخارجية ستزداد، بالرغم من الدعاية الإعلامية حول انفتاح دول عربية عليها، بعد الزيارت التي قام بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم إلى بعضها ولقائه مع السفير السعودي وليد بخاري. فتولّيه المهمة ناجم عن تجنّب العواصم العربية استقبال أي مسؤول له صفة سياسية بمستوى وزير أو مستشار… يوازيه تجنّب بعض سفراء دول عربية يُعوّل على دعمها، الإلتقاء بأي مسؤول كبير أو وزير، حتّى لو كان ذلك في مناسبة اجتماعية، باستثناء رئيس البرلمان نبيه بري. فالأخير، على تحالفه مع “حزب الله”، أسمع لودريان كما غيره من السفراء، شكواه من تأخير الإصلاحات لا سيّما في الكهرباء وعدم توقيع التشكيلات القضائية وغيرها… وهما موضوعان أثارهما الوزير الفرنسي، الذي حثّه بري على تشجيع شركة “توتال” على بدء التنقيب عن الغاز والنفط في البلوك الرقم 9 قبالة الناقورة، من دون انتظار الإتّفاق على الحدود البّرية والبحرية مع إسرائيل في إطار الوساطة الأميركية.

 

3- يُفترض ترقّب ما سيكون عليه الدور الفرنسي في حال تفاقم الأزمة الإقتصادية المالية واحتمال الإنهيار الكامل مع استمرار نهج السلطة الحالي، وفي ضوء الكوة التي يسعى البطريرك الماروني بشارة الراعي لفتحها في جدار المأزق عبر دعوته إلى حياد لبنان. فلودريان حدّد مفهومه لما “نشاطر البطريرك رسالته” بـ”النأي بلبنان وبسيادته وبسلامة أراضيه عن الصراعات الإقليمية والتأكيد على قوة لبنان، وهويته وسلامة أراضيه”. وهو أمر سيُقاومه “حزب الله” في إطار انحيازه لإيران في صراعها المُتفاقم مع أميركا. ولا بدّ لرؤية فرنسا للبنان إلّا أن تكون من ضمن قراءتها لما ينتظر المنطقة.