IMLebanon

لا جواب رداً على سقطة لودريان

 

لا تشي الاتصالات الدائرة حول الملف الرئاسي بأيّ تطور جدي، ولا يزال الجمود قائماً، ولا يتوقع لهذا الجمود أن يتغير في المرحلة المقبلة طالما «حزب الله» مستمر في إصراره على التمسك بمرشحه، كما يصر على التمسك بتعطيل الاستحقاق الرئاسي حتى إيصال هذا المرشح إلى قصر بعبدا، ولو طال الزمن.

 

بموازاة تشدد «حزب الله»، تستمر مبادرة فرنسا الرئاسية في استنزاف الوقت من دون طائل، وتقدم هذه المبادرة خدمة مجانية لـ»حزب الله»، باعتبارها تساهم في تشتيت التركيز على ضرورة انتخاب الرئيس، وتذهب بالملف إلى متاهة إجراء حوار، طالما كان وسيلة لاستنزاف الوقت ولفرض الخيارات بقوة التعطيل، ذلك بدءاً من حوار العام 2006 العقيم، وصولاً إلى حوار طاولات بعبدا، التي انقلب عليه «حزب الله» من دون أن يرف له جفن.

 

لم يقتصر التخبّط الفرنسي على مخالفة التوجه المتفق عليه، في لقاء مجموعة الخمس في الدوحة. لقد تجاوز هذا التخبط كل الخطوط الحمر، وهو يكاد يحوّل السياسة الفرنسية للمرة الأولى في تاريخ فرنسا، إلى عمل استعراضي، ليس منه أي جدوى ولا مردود.

 

لقد ترجم لودريان الذي كان يؤمل منه إحداث التغيير بعد تعيينه، هذا التخبّط، بالرسالة التي خالف فيها كل الأعراف، ليس فقط لأنّه يتعامل مع النواب والكتل كأنهم تلاميذ مدرسة ابتدائية، بل لأنّ مجرد إرسال الرسالة بهدف الإجابة عليها، للانتقال إلى جمع هذه الأجوبة، وفضّ العروض في مؤتمر صحافي تشارك فيه جميع القوى، لا يمكن تصنيفه إلا أنّه عمل دبلوماسي رومانسي، خال من الواقعية والاحتراف.

 

كان بإمكان لودريان أن يستعيض عن هذه الرسالة بامتحان آخر، لكن مع الحفاظ على الشكل، ومن دون خرق الأصول. وكان بإمكانه أيضاً أن يستثمر (ولا يعرف ما إذا كان سيفعل ذلك متى يأتي) قبول جميع الأطراف بالمحادثات الثنائية، التي لا تعطي فكرة الحوار صدقية شكلية يؤيدها «حزب الله»، ليغطي بها تعطيله الاستحقاق، لكنه لم يفعل، وبالتالي، لن ترد الكتل البرلمانية على رسالته، وستبقى هذه الرسالة يتيمة، لأنّ المرسل وقع ضحية سقطته، وضحية سوء اختيار طريق الوساطة.

 

في موازاة التخبط الفرنسي، لا تنبئ المناورات الداخلية، بحدوث أي اختراق جدي. فعلى خط الاتصالات بين «التيار الوطني الحر» و»حزب الله»، لا يتوقع التوصل إلى اتفاق على تبني ترشيح سليمان فرنجية، قبل مجيء لودريان. لذا سيبقى هذا الجمود قائماً، وسيطول أمد الفراغ، الذي ربما يفوز في بُعده الزمني، على الفراغ الذي سببه «حزب الله» بهدف انتخاب ميشال عون رئيساً. خلاصة المشكلة، أنّ الممانعة تعتبر ورقة الرئاسة ثمينة جداً، إلى درجة الاستعداد لإطالة الفراغ على أنقاض الانهيار، ولو كلف الأمر سنوات من الانتظار.