بصراحة، إذا لم يكن اسم قائد الجيش العماد جوزف عون حاضرا جنبا الى جنب اسم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية في أية جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، ستكون الجلسة كسابقاتها، ولن تؤدي بطبيعة الحال الى إتمام هذا الاستحقاق الدستوري وإنهاء الشغور الرئاسي، وهذا يضعنا أمام احتمالين:
أولا: إجراء المجلس النيابي تعديلا دستوريا للسماح بترشيح قائد الجيش في أيلول أو أوائل تشرين أي قبل انتهاء ولايته، وهذا الخيار دونه عقبات أهمها وجود حكومة مستقيلة، وعدم وجود رغبة جديّة لدى بعض أفرقاء الداخل في إزالة العوائق القانونية أمام دخول عون جدّيا نادي المرشحين الرسميين للرئاسة.
ثانيا: انتظار انتهاء ولاية العماد عون في الشهر الأول من السنة الجديدة، وبعدها إجراء الانتخابات الرئاسية، أي عمليا تمديد الشغور أقلّه ٦ أشهر.
في تفاصيل مساعي مبعوث التحالف الخماسي جان إيف لودريان، فان فرنسا تنازلت عن مبادرتها لصالح تسويق معادلة رئاسية جديدة قوامها «فرنجية – عون»، ولكل اسم «باكيج» كاملة ستدير الدولة معه تتعلق بهوية رئيس الحكومة وحاكم مصرف لبنان وقائد الجيش والصندوق السيادي للنفط والخطة الاقتصادية والعلاقة مع صندوق النقد الدولي وباقي التعيينات الأساسية في الدولة.
وفقا للتفاصيل الجديدة، وصلت رسالة للثنائي الوطني مفادها أن تخلّي حزب الله تحديدا عن فرنجية سيمنحه امتيازات في المواقع الأخرى، فيما ان نجاحه في تأمين الأصوات الكافية لفوز مرشحه في الانتخابات الرئاسية يعني تخلّيه عن معظم تلك الامتيازات والموافقة على إدارة الدولة والمشاركة في الحكم عبر الرئاسة الأولى.
منذ أيام قليلة، جاء رد الحزب عبر نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم «نحن لا نريد مكتسبات سواء في الوظائف أو في الاتفاقات الطائفية أو الحزبية أو أي شيء آخر»… وهذه الرسالة سبقت حتى لقاء الحزب بلودريان «فالحزب مستعد للتخلّي عن كل شيء مقابل انتخاب فرنجية لان رئاسة الجمهورية إدارة بلد، ونحن اخترناه لانه يمتلك مواصفات الرئيس الوطني الجامع ولمعرفتنا باتجاهه السياسي ورؤيته العامة التي تتناسب مع لبنان الوطني المجاهد المحرر»…
أما خلال لقاء لودريان، فكان الحزب حريصا على اكمال الرسالة وجها لوجه معه «نحن متمسّكون بخيار فرنجية ولن نتنازل عنه، ولا رئيس سينتخب بالترهيب والترغيب ودون رضانا»…
لكن، إذا كان الحزب يريد فرنجية فعليه تأمين الأصوات المسيحية اللازمة لانتخابه، هكذا لمح لودريان، مضيفا بان المملكة أو أي دولة من دول اللقاء الخماسي لن تضغط على حلفائها المسيحيين للسير بفرنجية… في حين ان الضغط الوحيد الذي سيمارس هنا، هو إلزام جميع القوى اللبنانية التي تحضر ما اتفق على تسميته «طاولة العمل أو الحوار المصغّرة في أيلول» بحضور أية جلسة انتخابات رئاسية تليها شرط عدم فرط النصاب تحت أي ظرف وتأمين الميثاقية التي يكفلها الدستور للرئيس المقبل.
ثمة معلومة أساسية في هذا السياق، كان سبق لمصادر في الثنائي الوطني الإشارة إليها مسبقا لـ«اللواء» حول أهمية الصوت السنّي في المعادلة الرئاسية الجديدة لجهة تحديد هوية الرئيس المقبل… تقول مصادر قيادية ان السنّة سيشكّلون بيضة القبان في اختيار الرئيس، فأي فريق مسيحي لن يكون قادرا وحده على إعطاء أي رئيس للجمهورية الميثاقية الكافية لتشريع عمله داخليا وخارجيا دون الصوت السنّي، في السياق، فان المملكة لا ترضى بتهميش السنّة وإخراجهم من المعادلة الرئاسية في حين ان المطلوب ترتيب البيت اللبناني سياسيا واقتصاديا تحت سقف اتفاق الطائف وعودة الثقل السنّي تحت رعاية المملكة السعودية.
وعليه، يبدو ان مهمة حزب الله بترتيب علاقته مع التيار الحر أكثر من أساسية لأسباب داخلية تتعلق بأهمية هذا التوافق «الإسلامي – المسيحي» لحماية التعايش الوطني والسلم الأهلي، ولأسباب أهم تتعلق بانتخاب فرنجية بغطاء مسيحي وازن يشكّل شرطا أساسيا لدول اللقاء الخماسي لمباركة انتخابه… وهنا تحديدا، أكد لودريان ان أي توافقا داخليا وفق احدى الصيغتين سيؤمّن للرئيس المقبل بمعزل عن اسمه الغطاء «العربي – الدولي» لإنقاذ لبنان.