ما كشفه الأحمد من دعم خارجي للمسلَّحين يؤكد المخاوف على «عين الحلوة» والجوار
تطابق وجهتي نظر المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي جان ايف لودريان ورئيس مجلس النواب نبيه بري على ضرورة الحوار لحل المأزق الرئاسي، يجعل قوى المعارضة أكثر حذراً من الطروحات الفرنسية لحل الأزمة الرئاسية، لا بل أن أوساطاً معارضة، تبدو مقتنعة بعدم قدرة الموفد الفرنسي على إزالة العراقيل من أمام انتخاب رئيس جديد للبنان. وتضيف، «ليس هناك ما يؤشر إلى إمكانية أن تقود باريس الحل في لبنان، طالما أنها تتبنى وجهة نظر الفريق الموالي لإيران، وهو الذي عطل الاستحقاق الرئاسي منذ ما يقارب السنة». مشددة على أن «مواقف لودريان، تزيد المعارضة تشبثاً برأيها في عدم الموافقة على الحوار الذي يدعو إليه المبعوث الفرنسي ورئيس البرلمان»، ومشيرة إلى أن «ما تقوله باريس بشأن الحوار، يتعارض تماماً مع وجهة نظر المجموعة الخماسية التي لم تُشِرْ إلى أي حوار، لا من قريب أو من بعيد».
ويكتسي اللقاء الذي يستضيفه سفير خادم الحرمين الشريفين وليد بخاري في دارته، اليوم، ويجمع النواب السنة بالموفد الفرنسي، أهمية كبيرة، لناحية التأكيد على استمرار الجهود السعودية الفرنسية، توصلاً لتعبيد الطريق أمام إجراء الانتخابات الرئاسية في وقت قريب، على أن تكون للسفير بخاري مواقف لافتة من التطورات في لبنان، وتحديداً بما يتصل بالاستحقاق الرئاسي في الكلمة التي سيلقيها لمناسبة اليوم الوطني السعودي الـ93 الذي دعا إليه في 23 الجاري بشارع المصارف وسط بيروت، بالتوازي مع ترحيب سعودي وخليجي، لقرار المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى في جلسته الأخيرة، التمديد لمفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان.
وفي حين كانت لافتة مواقف النائب السابق وليد جنبلاط، بعد لقائه لودريان، بتفضيله «وجهة نظر نبيه بري ولودريان من الحوار، ودعمه مبادرة بري ومبادرة لودريان». وأن «المبادرة الفرنسية ما زالت قائمة»، فإن ما قاله رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، بعد اجتماعه بالموفد الفرنسي، بأن «طرح الرئيس بري للحوار يصب في السياق عينه، ويكمل المساعي الفرنسية»، لم يكن مفاجئاً، باعتبار أن مواقف الحزب والفرنسيين تبدو قريبة من بعضها، وتحديداً ما يتصل بالحوار، وإن كانت هناك تباينات بشأن المواقف من دعم الوزير السابق سليمان فرنجية، دون بروز أي تطور جديد بهذا الشأن من جانب الفرنسيين الذين ما عادوا مقتنعين بخيار فرنجية، بعد رفض «الخماسية» لترشيحه.
وإذ أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن «الاستحقاق الرئاسي ونظراً للواقع البرلماني القائم حاليا والذي لا يعطي لأي القدرة لحسم هذا الاستحقاق بمفرده لا يمكن انجازه الا بالحوار والتوافق وأي كلام آخر هو عبث وإطالة لأمد الفراغ لأهم موقع دستوري»، فإن ما لمسه من الموفد الفرنسي وفق معلومات «اللواء»، يشير إلى باريس تعتبر أن الحوار الخيار الأفضل في ظل هذه الظروف، لتقريب المسافات بين اللبنانيين، من أجل تجاوز هذا المأزق وتقريب المسافات بشأن انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وهذا ما دفع رئيس البرلمان إلى التمني ان «تستجيب كافة القوى والكتل البرلمانية لهذه الدعوة، وبالرغم من الاصوات الرافضة للحوار واسباب ومبررات الرفض غير مقنعة على الاطلاق ولا تفسر الا على وجه واحد ان احدا في لبنان لا يريد انتخاب رئيس للجمهورية».
وتؤكد مصادر نيابية موالية، أن ما تضمنه بيان السفارة الفرنسية، من أن مهمة لودريان منسقة مع الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية وقطر ومصر»، يشير بوضوح إلى تأييد هذه الدول للحوار الذي يُعتبر أساسياً من أحل التوافق على الرئيس العتيد، لناحية ضرورة الخروج من الأفق السياسي المسدود حاليًا، مع جميع الجهات الفاعلة، إلى المشاريع ذات الأولوية التي ينبغي لرئيس الجمهورية الجديد أن يعالجها بغية تيسير بلورة حل توافقي في البرلمان وسد الفراغ المؤسسي. وإذ لفتت المصادر إلى أن بيان السفارة الفرنسية، كان واضحاً لناحية التحذير من أن «الوضع الراهن لا يزال يتدهور ومؤسسات الدولة تتضعضع على نحو مقلق وذلك أيضًا في سياق غياب حاكم لمصرف لبنان حاليًا وتوترات أمنية»، فهذا بالتأكيد لأن الفرنسيين يرون مخاطر جسيمة تحدق بلبنان، ما يفرض على الفريق الآخر أن يستجيب لدعوات الحوار، دفعاً باتجاه تسهيل مهمة الموفد الفرنسي، وبما يفسح في المجال لانتخاب الرئيس العتيد.
وإذا كانت الجهود العربية والفرنسية منصبَّة من أجل أن يكون هناك رئيس للبنان في غضون شهر على أبعد تقدير، باعتبار أن هناك مخاطر جسيمة تتهدد لبنان جراء استمرار الشغور الرئاسي. إلا أنه ليس محسوماً في ظل استمرار المواقف على حالها، أن يكون هذا الأمر قابلاً للتحقق في المرحلة المقبلة، طالما استمر الخلاف على الحوار بين الموالاة والمعارضة التي تتمسك بضرورة أن يكون بيان «الخماسية؛ السقف الوحيد للتعامل مع الانتخابات الرئاسية، من حيث مطالبته بإنجاز هذا الاستحقاق بأسرع وقت دون الحاجة لأي حوار، وسط ترقب لتحرك محتمل سيقوم به وفد قطري رفيع على خط الملف الرئاسي. وقد لفت على هذا الصعيد اللقاء الذي جمع في باريس النواب ملحم الرياشي، وائل أبو فاعور وفؤاد مخزومي مع المستشار في الأمانة العامة لمجلس الوزراء السعودي نزار العلولا.
وفي حين تنذر جولات العنف المتواصلة منذ ما يقارب الأسبوع في مخيم «عين الحلوة» من تطور الأمور على نحو بالغ الخطورة، وفي سياق المعالجات لوقف القتال في المخيم، كانت قرارات الاجتماع الذي عقده رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اجتماعا لبحث الوضع في المخيم، والذي شارك فيه عن الجانب الفلسطيني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عزام الأحمد والسفير الفلسطيني في لبنان اشرف دبور، أمين سر حركة «فتح» فتحي أبو العردات، وعن الجانب اللبناني قائد الجيش العماد جوزيف عون، المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري ومدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي، حاسمة لناحية اتخاذ قرار لا رجعة عنه بضرورة وقف إطلاق النار في عين الحلوة وتسليم المطلوبين باغتيال مسؤول قوات الأمن الوطني الفلسطيني العميد أبو شرف العرموشي»، على أن يقوم الجانب اللبناني باتصالات لوصول القرار هذا لجميع الأطراف». لكن الأخطر ما كشف عنه الأحمد، بإشارته إلى أن «جهات خارجية تقدم اغراءات للأطراف المسلحة في عين الحلوة لتعم الفوضى في لبنان». وهذا برأي أوساط متابعة، يؤشر إلى أن المخاوف من تحول «عن الحلوة» إلى «نهر بارد» جديد كانت في محلها، باعتبار أن هناك من كان ويزال يسعى لتوريط الجيش اللبناني في هذا الملف.