… وما زالوا يدورون في الدوّيخة. والمقصودون، بهذا الكلام، هم الأفاضل الذين التقاهم الموفد الرئاسي الفرنسي مسيو جان – إيف لو دريان، سيان بين الذين زارهم في منازلهم ومكاتبهم فاستضافوه، وبين الذين زاروه في قصر الصنوبر فاستضافهم وأبقى بعضاً منهم الى مائدة السفارة الفرنسية.
تكفي مراجعة سريعة للتصريحات التي أدلوا بها مباشرةً بعد تلك اللقاءات أو في وقت لاحق، وكذلك في البيانات، وأيضاً عبر شاشات التلفزة… نقول تكفي مراجعة سريعة لتتبين الدويخة، بل برج بابل: فهنا أطراف تدّعي أن موفد إيمانويل ماكرون أبلغ إليها تلميحاً أن ورقة الوزير سليمان فرنجية قد طُويت وبالتالي باتت ثمة ضرورة للحوار على «المرشح التوافقي». وهناك مَن يزايد فيضيف، بصيغة التساؤل الماكر، قائلاً: أوَليست الدعوة الفرنسية الى الحوار هي رسالة الى من يعنيهم الأمر للبحث في الاسم التوافقي؟ وهنالك أطراف أخرى تزعم أن وزير الخارجية الفرنسي السابق بنى كلامه على إعلان غير مباشر بتمسك باريس بمرشح الثنائي الشيعي، أما الذين يدعون العكس فربما فاتتهم دقة السمع أو نباهة التفسير، أو ربما الاثنتان معاً.
وفي تحليل أوّلي لهذه المتاهة يتوصّل المراقب المحايد الى استنتاجين لا ثالث لهما: الأول إن كلّ طرف فسر كلام لو دريان وفق ما كان يريد منه أن يقول، وليس كما قال فعلاً. والاستنتاج الثاني أن الضيف العزيز أراد (عمداً وقصداً) أن يبيع الجميع من كيس كلٍّ منهم، فأسمعه ما يحب أن يستمع إليه… من هنا كانت هذه «اللخبطة» وهذا الخبط العشوائي في التفسير.
ولكن، ثمة ثابتة أكيدة في هذا السياق وهي أن موفَد قصر الإليزيه الى جماعة أهل السياسة عندنا حيث القصر الشاغر لم يلفظ اسم سليمان فرنجية في أي واحدة من الجلسات التي عقدها، لا التزاماً به ولا تخلّياً عنه…
في غضون ذلك، يبدو الحل مستحيلاً، ولا نقول صعباّ وحسب. ودعك من الرقم 65 (الأكثرية المطلقة أي نصف عدد أعضاء النواب زائداً واحداً). ولنذهب الى الرقم الأكثر أهمية والذي عليه إجماع وهو 86 (النصاب المتوجب بالضرورة لعقد الجلسة وللفوز في الدورة الأولى، ولكن لاستمرار دستورية الجلسة الانتخابية في ما يلي من دورات). وأي ساذج سيخطر له في بال أن الثنائي الشيعي سيسمح باكتمال نصاب جلسة لن يُنتَخَب فيها سليمان فرنجية رئيساً؟!. وفي المقابل أي ساذجٍ سيصدق أن المعارضة، التي تدّعي العفة الديموقراطية، ستسمح بتوفير نصاب الثلثين لإنتاج رئاسة فرنجية؟!.
فأين الحل؟
إنه في تطوّر ساخنٍ يقلب المعادلات ويفرض انتخاباتٍ رئاسيةً(…).