IMLebanon

لودريان زيارة رفع عتب أو لزوم ما لا يلزم

 

 

«شو عدا ما بدا» هكذا يعلق الشارع اللبناني على زيارة لودريان السادسة إلى بيروت، ولماذا هذا التوقيت لهذه الزيارة وهل يتعلق الأمر بمعطيات لبنانية داخلية أم أن آوان الحل بدأ يلوح في الأفق؟ لا أحد هنا ينتظر شيئاً من زيارة الموفد الفرنسي، فالأمور لا تبشّر بالخير وحتى أن الأطراف السياسية لم تتسلّم ولو مسودة عن عناوين هذه الزيارة وفحواها وما هو المطلوب منها. واللافت في هذا الإطار هو غياب رئيس التيار الوطني الحر عن أجندة المبعوث الرئاسي الفرنسي ولو كان ذلك بدواعي السفر فالأصول الديبلوماسية تتطلب تبرير الغياب، والوزير باسيل هو أكثر من يراعي هذه الأصول كونه قد تمرس فيها من خلال تواجده في قصر بسترس وترؤسه الديبلوماسية اللبنانية ردحاً لا بأس به من الزمن. وكما يقال «لو بدها تشتي غيّمت» ولو كانت الزيارة تحمل جديداً لكان رئيس التيار الوزير جبران باسيل هو أول الواصلين إلى بيروت.

باريس تستقي المعلومات من بيروت

وقد لاحظ المراقبون أن الأوساط الباريسية تستقي معلوماتها حول الزيارة من بيروت، فتقوم وسائل الإعلام الفرنسية باستقبال الصحفيين اللبنانيين من بيروت وليس من باريس، وكأن بيروت هي أعلم وأدرى بنوايا الرئيس الأسبق للديبلوماسية الفرنسية من حاشية قصر الإليزيه، كل ذلك يدعو للاستغراب والدهشة في وقت يواجه فيه لبنان أزمات كبيرة ليس أقلّها النزوح والحرب الدائرة والتي تتخذ من البوابة الجنوبية منطلقاً لها، بالإضافة إلى معاناة بلد الأرز لمشاكل مع شركة توتال الفرنسية التي لم تبدأ بعد بالتنقيب عن النفط والغاز في البلوكات الجنوبية الواقعة تحت رعايتها، حتى أن هذه الشركة التي بدأت باستخراج الغاز من بحر قاريش شمالي فلسطين المحتلة لم تعط للمراجع المختصة اللبنانية الداتا الصحيحة التي حصلت عليها نتيجة المسح والتنقيب، هذه الداتا التي يقول عنها أكثر من متابع وخبير انها تحوي إيجابيات وتبشّر بوجود كميات تجارية لا بأس بها في قانا اللبنانية، إذ كيف يعقل وجود الغاز في قاريش وعدم وجوده في قانا التي تقع على المقلب الشمالي وتشكّل امتداداً جيولوجياً لقاريش.

لا داتا لا في الجنوب ولا في الشمال

وكما الحال مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التي ترفض إعطاء الداتا الصحيحية حول الوجود السوري في لبنان وأعداد النازحين وأسمائهم وعناوينهم والمبالغ التي يتقاضاها هؤلاء من هذه المفوضية UNCHR، هكذا هي الحال مع TOTAL شركة التنقيب الفرنسية التي ترفض إعطاء لبنان الخرائط والبراهين التي تثبت امتلاك لبنان لثروات غازية ونفطية في المياه الجوفية الإقليمية. فهل كل ذلك هو مجرد صدفة أم إن المطلوب هو حرمان لبنان من الاستفادة من ثرواته الطبيعية مع زيادة عبء النزوح عليه بحيث يجر ذلك إلى انفجار ديمغرافي قد يؤدي إلى هجرة لبنانية جديدة وتوطين للنازحين وبطبيعة الحال الفلسطينيين، وكان من الوقاحة بمكان أن يعلن أكثر من مسؤول أممي عن نواياه الخبيثة واحتمال أن يكون مصير النازحين كمصير الفلسطينيين بحيث يتكفل عامل الزمن بتحقيق التوطين ويتحول الوجود الغريب من توطين مقنع إلى توطين على أرض الواقع.

لودريان الاستماع والصمت القاتل

هكذا تبدو زيارة الموفد الفرنسي التي لا تحمل جديداً بقدر ماهي تحمل تقطيعاً للوقت وكأن المطلوب من الفرنسيين اللعب في الوقت الضائع، كما باعة البوشار والمثلجات الذين كانوا يبيعون منتجاتهم في صالات السينما خلال الوقت المستقطع Entracte فلا هم يشاركون في الفيلم ولكنهم يبدون وكأنهم لزوم ما لا يلزم بحيث أن دورهم هو من حواضر البيت الذي لا يستطيع المشاهد من الاستغناء عنه، وهكذا تبدو باريس وكأنها تمارس «رفع العتب» عشية وصول الرئيس الأميركي إلى العاصمة الباريسية وكأني بهم يقولون للرئيس الأميركي نعم نحن نعلم وقد كنا في بيروت وعندنا الخبر اليقين.