Site icon IMLebanon

Mr Le Drian ساعِدونا… ولا تمدّوا الفاسدين بالأوكسجين

 

نعلم معالي الوزير أن كثُراً قبلنا ناشدوك وشرحوا لك حالة شعبنا ويأسه من الطبقة الحاكمة. وندرك جيداً ان معلومات وزارة الخارجية التي ترأس عن الأوضاع السياسية والمالية والاجتماعية في لبنان أدقّ مما يروجونه هنا لتخفيف حجم الكارثة. ونحن على دراية بما تكنُّه وفرنسا الصديقة للبنان من محبة. وشاهدنا مداخلتك السياسية – العاطفية في الجمعية الوطنية، ووصلت صرختك الصادقة: “ساعدوا أنفسكم لنساعدكم”.

 

رغم ذلك، وفي يوم لقائك المسؤولين المتربّعين ظلماً وعدواناً على عرش مناصبهم بعدما تسبّبوا مباشرة او مداورة بخراب البلاد، أرَدنا من هذا المنبر الصحافي الحر أن نخاطبكَ لعلمنا بمقدار احترام فرنسا للصحافة وحرية الرأي وقناعتنا بأن القيم الفرنسية الجمهورية السامية تلتقي مع ما يطمح إليه اللبنانيون.

 

معالي الوزير، انت تعرف “البئر وغطاه”. نرجوكم ان تبدأوا من حيث انتهينا نحن أبناء هذا الشعب. ثبت لدينا أن هذه السلطة الجاثمة على صدورنا ليست مؤلفة من مجموعة سياسيين فحسب بل من تحالف سياسي مصرفي مافيوي متواطئ مع السلاح غير الشرعي. وهو نهبَ على امتداد ثلاثين عاماً ومنذ “الطائف” مقدّرات البلاد وتآمر على سيادتها ورفضَ قيام الدولة العادلة والقضاء المستقل ليبقى يسرح ويمرح بلا حسيب ولا رقيب.

 

لن نعودَ بك كثيرا الى الوراء. لا شك في أنّك اطلعت على تفاصيل لا بأس بها من ارتكابات الحكومات والبرلمانات السابقة، وعرفتَ كيف تمَّ تقويض الديموقراطية في زمن وصاية النظام السوري، وكيف لا تزال القوى الرافضة لتداول السلطة السلمي والمنتمية الى محور إقليمي تمنع منذ “ثورة الأرز” في العام 2005 قيام دولة طبيعية ذات حدود مُرَسَّمة وسياسة خارجية واحدة… والأهم: سلاح جيش لا ينازعه اي سلاح.

 

معالي الوزير،

 

لن نتذاكى بالتعابير. هؤلاء الذين تلتقيهم اليوم يمثلون الطبقة التي أوصلتنا الى الانهيار. لن نقول لك عُدَّ أصابعك بعد مصافحتهم، لكن إعلم انك ستحاور خبثاء محترفين دمَّروا البلاد ويدَّعون اليوم شرف محاولة إنقاذها. إبدأ بالتشكيك بأهليتهم وصدقهم، واعلم انّ مسيرة معظمهم لا تشرّفنا ولا يفخر بها أي مواطن حرّ كريم.

 

معالي الوزير،

 

قامت ثورة 17 تشرين لتعيد الى اللبنانيين حقوقهم وكرامتهم، فطالبَت باستعادة المال المنهوب وإعلاء شأن المواطنية ووقف الفساد وتحقيق الدولة “العادية” التي هي مطمح اي لبناني. لكن أحزاب السلطة وحلفاءها انقضُّوا على ثورة الشباب وأحلامهم بالقمع والعنف، وصادروا حق مئات آلاف المتظاهرين في قيام حكومة مستقلين غير تابعين لـ”المنظومة الفاسدة”. لقد وضعوا واجهةً اسمها حسان دياب، وشكلوا حكومة “ماريونيت”، فلا انتهجت الاصلاح ولا أقلعت عن ممارسة المحاصصة المقيتة، وفي عهدها تدهورت القدرة الشرائية، وصار حاكم المصرف المركزي المتواطئ مع السلطة يطبع تريليونات الليرات ليغطي ارتكاباته وارتكاباتهم، ورحنا نحفر فيما نحن في القعر.

 

معالي الوزير،

 

اليوم ومع انسداد الآفاق، نرجو منكم عدم مساعدة هؤلاء حتى بجرعة أوكسجين. بل نناشدكم مساعدة لبنان وشعبه الذي بات بأمس الحاجة الى كل شيء، من دعم المستشفيات، الى مؤازرة المدارس وصولاً الى الدواء وحليب الأطفال. تعرفون طرق المساعدة، لكنْ رجاءً لا تدعوا شيئاً يمرُّ عبر السارقين والمارقين وأعضاء المافيا المقنّعين.

 

معالي الوزير،

 

في خضم هذا الوضع المُكفَهِر أوقدَ البطريرك الماروني شعلة أمل لقيامة لبنان بعدما تأكد أنّ الكارثة الاقتصادية ليست سوى انعكاس للأزمة السياسية العميقة، فطرَح الحيادَ حلاً انقاذياً لصيغة لبنان الواحد وإعادة تأسيس عقد وطني جديد. نحن نشدُّ على يده، وندعوكم الى دعم هذا التوجه لأنه قادر على إحياء الدولة، ولأن وطن الأرز، بنظام الحياد القانوني المنحاز للعدل والمواثيق الدولية وللمصلحتين الوطنية والعربية، يجب ان ينتفض مجدداً كطائر الفينيق.