IMLebanon

«لي كيوان يو» و«مجلس النواب اللبناني»!

جمعت «المصادفة» زيارة الرئيس السنغافوري «لي كيوان يو» إلى «مصر التاريخ» أمس الاثنين ٣١-١٠-٢٠١٦، مع انتخاب «الجنرال ميشال عون» الرئيس الـ»١٣» لـ»لبنان الذي لايزال كبيراً إلى حد ما كما أُعلن عنه للمرة الأولى في «٣١ – ٨ – ١٩٢٠» من «قصر الصنوبر» في بيروت، مقر «المندوب السامي الفرنسي انذاك «الجنرال غورو» وإلى يمينه البطريرك «الياس الحويك» وعن يساره مفتي بيروت «الشيخ مصطفى نجا»..

وبالعودة إلى انتخاب «الجنرال عون» أشير إلى أنه للمرة الأولى بتاريخ انتخاب رؤساء الجمهورية اللبنانية الـ»١٢» منذ أربعينات القرن الـ»٢٠» الماضي، يضطر رئيس المجلس النيابي، إلى إعادة الانتخاب ٤ مرات «الأولى لم ينل بها المرشح «عون» ثلثي الأصوات من أصل ١٢٧ نائباً.

فاضطر إلى إجراء دورة ثانية وفيها يفوز بـ»النص + ١» أي ٦٤ صوتاً، إلا أن عدد الأوراق كان ١٢٨ ورقة والحضور ١٢٧؟

فاضطر الى اجرائها للمرة الثالثة وأيضاً كان عدد الأوراق ١٢٨ ورقة والحضور ١٢٧!

فاضطر إلى اجرائها للمرة الرابعة على المنصة الرئيسية بحراسة الصندوق من قبل النائبين «مروان حماده» و»انطوان زهرا» وجاء عدد الأوراق ١٢٧ من أصل ١٢٧ نال منها «المرشح عون ٨٣ صوتاً»، و»٣٦» ورقة بيضاء، و٨ ملغاة أي «٤٤» صوتاً..

مما جعل هذا المشهد الرباعي يُطلق عليه رئيس المجلس النيابي الأستاذ «نبيه بري» بـ»مدرسة المشاغبين»..!

وهو مشهد كان يتابعه عن كثب سفراء الدول العربية والأجنبية، وعلى الهواء مباشرة العديد من خارج لبنان، مما أحرج «اللبنانيين الطيبين» أمام هذا الكم من المشاهدين داخل المجلس النيابي، وخارجه على الهواء مباشرة داخل وخارج لبنان..

خصوصاً أن أحد النواب «رشح «مريام كلينك» التي يُطلق عليها «اباحية»، كرئيس لجمهورية لبنان أمام العالم أجمع، مما جعلني أشعر بالخجل كمواطن لبناني، أمام هذا الاستهتار المتعمّد بالوطن «لبنان – رسالة العيش المشترك – وهذا الاستهتار يدل على «عُهر» بالفكر، وغياب «العلم»، و»الفكر»، و»الحياء».. ولكنه «العهر السياسي الذي زاد عن حده، وصوّر عملية انتخاب الرئيس بـ»المهزلة»..!

وهذا ما أعادني بالذاكرة كيف صنع «لي كيوان يو» – المعجزة السنغافورية – وهي أسرع دولة في العالم في انعاش اقتصادها.. وتسمى «الدولة الأكثر عولمة في العالم»، وهي نموذج ايجابي في التعايش بين الأديان إذ بها حوالى ١٠ أديان، ودخل الفرد فيها سنويا ٥٠ ألف دولار، والناتج القومي بها حوالى ٣١٤ مليار دولار..!

قال «لي كيوان يو» عام ١٩٦٥:

«بعد الانفصال عن ماليزيا وجدت كل شيء حولي ينذر بالانهيار، فنسبة البطالة تقارب ١٥٪، الدولة تكاد تخلو من كل شيء: القوة العسكرية مؤلفة من كتيبتين ماليزيتين، البنية التحتية مهدّمة، قوات الشرطة غارقة في الفساد، تخطف الفتيات السنغافوريات الصغيرات لاعارة الأجانب، مع تقاسمها اللصوصية (حاميها حراميها) والمومسات فيما يجمعن.. احتكر قادة الأمن الأراضي والأرز، وباع القضاة أحكامهم، المدارس والجامعات لا تفي بالحاجة، الغليان العنصري والديني يُهدّد بالانفجار في أي لحظة.. والتهديد الخارجي لم يتوقف فماليزيا التي انفصلنا عنها كانت تنتظر فشلنا على أحر من الجمر لتستخدم القوة في اعادة سنغافورة إلى اتحاد الملايو»..!

ماذا فعل «يو»؟

استثمر في الإنسان، وأكد على أن العلم هو السبيل لنهوض الدول، بعدما ظنّ الجميع أن الاصلاح مستحيل..

إلتفت إلى بناء المدارس والجامعات، وقال للمعلمين الذين كانوا في فقر وتعاسة: «سأمنحكم أعلى الأجور، وسأبني لكم أجهزة الدولة، وأنتم تبنون لي الإنسان»..

وكانت «الإرادة الوطنية في صنع المعجزة السنغافورية» ولتتصدر سنغافورة المرتبة الخامسة في التصنيف العالمي في مؤشر الفساد الإداري المنخفض لعام ٢٠١٣.. والحوار اللغة الرسمية فيها بين الرئيس والمرؤس.. لا تظاهرات.. لا اضطرابات.. لا أحزاب إلاَّ حزبان.. ويتقاضى الوزير من مليون دولار سنوياً وتعاقبه الدولة بلا رحمة لو ثبت فساده المالي..!

هذه هي «سنغافورة وتجربتها..

وهذا هو «لبنان» الذي استقل قبلها بحوالى ٢٢ عاما.. هي في النعيم تعيش ولبنان في «الزبالة» يتعايش منذ أكثر من عامين.. حتى وصلت «ثقافة الزبالة» إلى فكر بعض النواب المشاغبين في المجلس النيابي!

ولـ»لي كيوان يو» مقولة قالها عن «الفساد» بما فيها «الفساد الفكري» قال: «حينما يسير اللصوص في الطرقات آمنين، فهناك سببان، إما النظام لص كبير! أو الشعب غبي أكبر»!

على كلٍ، هذه المصادفة حدثت أمس بين زيارة «لي كيوان يو» لمصر، وانتخاب «الجنرال ميشال عون» الرئيس الـ»١٣» للبنان، وهو ما سعى له منذ ٦-١١-١٩٨٩.

يحيى أحمد الكعكي