خلّف تأكيد الرئيس نبيه بري عزمه على الدعوة إلى جلسة تشريعية بعد جلسة الحوار الوطني المقررة في 20 نيسان أكثر من تساؤل في الأذهان حول السبل التي سيسلكها لتجنّب الألغام في الحقل التشريعي: كيف سيتجاوز عقدة رفض معظم الأحزاب المسيحية انعقاد الهيئة العامة ما لم يتم إدراج مشروع قانون الانتخابات النيابية بنداً أولاً على جدول أعمالها؟
بسؤال بسيط، يجيب المقربون من بري: كيف يمكن إدراج مشروع قانون الانتخاب على جدول الجلسة التشريعية وهناك توصية نيابية واضحة أقرتها الهيئة العامة إبان التمديد للمجلس عام 2014 وتنصّ صراحةً على عدم إيلاء الأولوية لقانون الانتخاب قبل انتخاب الرئيس؟ يسألون مستغربين كيف يمكن للمشترطين من الأحزاب المسيحية إدراج القانون الانتخابي بنداً أولاً على الجلسة التشريعية أن يعمدوا إلى خرق «توصية» صدرت أساساً عن المجلس النيابي للدفع باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية قبل إقرار قانون جديد للانتخابات النيابية احتراماً لرأي الرئيس المسيحي ورؤيته إزاء ماهية القانون العتيد المنوي إقراره.
وفي المقابل، لا يتأخر «القواتيون» في الإجابة عن تساؤلات «المقربين» وردّ الكرة التشريعية إلى ملعب «عين التينة» بالقول: «نواب «القوات اللبنانية» لم يكونوا مشاركين في الجلسة التي أقرت هذه التوصية وبالتالي فإنّ الكتلة القواتية تعتبر نفسها غير معنية بها وفي حلّ من مضامينها»، مذكّرين في الوقت عينه بالوعد الذي كان قد قطعه الرئيس سعد الحريري عشية التئام جلسة «استعادة الجنسية» الشهيرة، متعهداً بعدم المشاركة في أي جلسة تشريعية مقبلة ما لم يتم إدراج مشروع قانون الانتخابات النيابية على جدولها. وعلى «القواتيين» يجيب «المقربون»: «الرئيس بري لم يكن أساساً جزءاً من هذا التعهد الذي انحصرت مفاعيله بين الرئيس الحريري و»القوات» ولذلك آثر رئيس المجلس عدم التعليق حينها تقديراً منه لجهود الحريري في تسهيل حل المشكلة التي كانت قائمة وقتها إزاء الجلسة التشريعية».
أما نواب آخرون من أعضاء الكتل الرافضة للتشريع فيرون، في معرض تبرير الرفض وتظهير التمسك بأولوية بت قانون الانتخاب النيابي، أنّ تكليف الهيئة العامة في تشرين الثاني من العام 2015 لجنة نيابية درس مشاريع القوانين الانتخابية هو بمثابة تراجع من الهيئة عن توصيتها السابقة بعدم بت قانون الانتخاب قبل انتخاب الرئيس. وبمعزل عن توصّلها إلى نتائج من عدمه، يُذكّر هؤلاء النواب بأنّ اللجنة أنجزت تقريرها وهو بات اليوم في طريقه إلى الهيئة العامة عبر رئيس المجلس النيابي الذي بات مطالباً بإدراج التقرير على جدول أعمال الجلسة التشريعية المقبلة لمناقشته وتحديد الواجب عمله إزاء الموضوع.
إنها قصة «إبريق الزيت» اللبنانية.. الحكومة ممنوعة من تصريف الأعمال، والتشريع ممنوع قبل إقرار قانون الانتخاب، وإقرار قانون الانتخاب ممنوع قبل انتخاب الرئيس، والرئيس ممنوع من الانتخاب.
«صحيح ما تقسم ومقسوم ما تاكل».. والتآكل على أشده في جمهورية الفراغ.