IMLebanon

التشريع وسياسة «الغافي»

تتصارع الخيارات السياسية حول التشريع ووصفه بالضروري أو المشروط وما شابه، بينما تتسارع الخطوات التي يمكن للمؤسسات الدولية المالية الناظمة أن تتّخذها إذا ما استمرّ لبنان كشخص من اشخاص القانون الدولي ناكلاً او غير ملتزم ما تقتضيه الاتفاقات والنظم الدولية المتعلقة بالإرهاب وتمويله وتجفيف منابعه.

والغافي Gafi أيْ مجموعة العمل الدولية المختصة بمراقبة تطبيق النظم الراعية لموضوعات مكافحة الإرهاب وتبييض الأموال وما يدور في إطارها، هذه المجموعة هي سلطة دولية قادرة على إدراج اسم لبنان في قائمة الدول غير المتعاونة أيْ وضعه ضمن الخانة السوداء بسبب عدم التزامه الأحكام الدولية المتعلّقة بما أسلفنا ذكره آنفاً.

والإتفاقية – الإطار في هذا الصدد هي تلك الصادرة عام ١٩٩٩ مع تعديلاتها وملحقاتها. ولبنان قد أصدر نظماً عدة تشكل تطبيقاً لبعض المبادئ والشروط الدولية في هذا الصدد ومنها القانون الرقم ٣١۸ الذي يحتاج تعديلاً او تطويراً بغية مواكبة التطوّرات التي شهدتها الأنظمة المالية الدولية.

وفي هذا السياق، إنّ عدم إقرار تشريعات وتعديلات تزيح عنا أعباء إعادة التصنيف الائتماني سلبياً من جهة ووضعنا على اللائحة السوداء كدولة غير متعاونة من جهة أخرى.

هذه التشريعات التي تتعلق في شكل أساس بإقرار مشروع يتعلق بتبادل المعلومات الضريبية على أنْ لا يكسر المبدأ القانوني اللبناني الوضعي القائل بالسرّية المصرفية أو بالأحرى لا يمسّها بشكل جوهري.

أمّا الموضوع الآخر المطلوب إقراره، فيتعلق بمشروع تنظيم مراقبة وضبط حركة الأموال النقدية العابرة للحدود. أمّا موضوع انضمام لبنان إلى الاتفاقية الدولية الصادرة عام ١٩٩٩، فيشكل موضوعاً جدّياً يتخطى الخلاف المستحكَم حول مفهوم الارهاب بتحديده القانوني.

ولكن أعتقد كما يعتبر المراقبون المحايدون أنّ دخول لبنان الى دائرة الإتفاقية الدولية يعني فيما يعني التزاماً لبنانياً قانونياً بالشرعية الدولية المختصة بالمسائل المالية والمصرفية، ما يجعلنا في منأى عن اللوائح والتصنيفات والأيادي السود.

اذاً الكلام عن تشريع الضرورة غير ضروري وواقع في غير محله، لأنّ كلّ تشريع هو ضروري حسب الحاجات والمقتضيات التي يعالجها ومنها لا بل في طليعتها القضايا المالية والاقتصادية والتعاملات المصرفية وسواها ممّا يتعلق بدور لبنان وبقدراته الواجب الحفاظ عليها. وإلّا أضحى تصنيف لبنان أمام العالم ضحية أخرى بعد الرئاسة والحكومة والمؤسسات والحوكمة والمساواة.

وهذا كله لا يمنع من إعطاء قانون الإنتخاب والحقّ في استعادة الجنسية مكاناً وازناً مع المشاريع التي تتعلّق بحركة توحيد المعايير على الصعد المالية والمصرفية، لأنّ للضرورة أحكاماً.

وأبرز الأحكام، حكم التاريخ وحقّ المواطن أن يكون مواطناً.