Site icon IMLebanon

تشريع الضرورة: سلسلة بلا براءة ذمة

مع اقتراب إنجاز سلسلة الرتب والرواتب، تقترب أيضاً مهلة استحقاق الانتخابات او التمديد للمجلس النيابي، وسط طرح احتمالات سحب ترشيحات المستقبل للضغط في اتجاه التمديد.

توضع اللمسات الاخيرة على ملف سلسلة الرتب والرواتب، بعد مرور اشهر طويلة من الوقت الضائع، وتجميد الملف في ادراج بعض القوى السياسية. ويثير شرح الاتفاق الذي انتهت اليه المفاوضات حتى الان واخراج السلسلة بالشكل الذي تنتهي اليه، إن لناحية الدرجات التي ستعطى للموظفين والمعلمين، او التقسيط او زيادة الضريبة على القيمة المضافة، والذي كان يمكن ان يبرم قبل اشهر من الآن، اسئلة عدة اولها: كيف اخرج هذا الملف واعيد الى الطاولة وبات في طريقه الى الاقرار، ما دامت بعض المواد المحقة التي سبق ان رفضت، تسلك طريقها الى التنفيذ.

لا يُحسد تيار المستقبل والرئيس فؤاد السنيورة في هذه الايام حين يضطران الى التعامل مع الرئيس نبيه بري لـ»تشريع الضرورة» ووزير المال علي حسن خليل، من اجل اخراج السلسلة من عنق الزجاجة، لذا تلاقت مصلحة الطرفين في ايجاد طرف ثالث للتفاوض غير المباشر، حول بعض الملفات المالية العالقة، واولها السلسلة، فكان اللجوء الى الوسيط، اي النائب جورج عدوان المتنقل بين السنيورة وبري وخليل. من هنا فان اي لقاء مرتقب بين بري والسنيورة لن يكون لمناقشة السلسلة. فاللقاء قد يحمل عناوين سياسية مختلفة، الا نقاش السلسلة، وحصوله هو خاتمة لاتفاق عليها بعد صياغتها كاملة.

ما الذي يمنعالحريري من سحب الترشيحات قبل الموعد المحدد لها؟

الاتفاق الذي سيترجم في مجلس النواب الاسبوع المقبل لا يعني ان المعترضين على السلسلة توقفوا عن محاولاتهم حتى اللحظات الاخيرة للحصول على تعديلات تتماشى مع طروحاتهم المالية. وآخرها محاولة من السنيورة ابلغ على اثرها ان «لا مجال لأي محاولة لاجراء تعديلات او التمسك ببنود مرفوضة من جانب اكثر من طرف، قد تعيد الامور الى النقطة الصفر، وهناك مبادئ وبنود لا مجال للقفز فوقها».

وبقدر ما يبدو الاتجاه حاسما نحو اقرار السلسلة، يتأكد عدم الاتجاه إلى تسوية تعطي براءة ذمة مالية لحكومة السنيورة الاولى، فهذا الامر منوط بالمحاسبة لا بالنقاش السياسي حول السلسلة او التشريع.

تبدو عقدة التشريع اذاً خارج ملعب بري وفريقه في تعاملهما مع السلسلة. فعامل الوقت وضغطه قبل انتهاء ولاية المجلس حتما على فريق 14 آذار، وتحديداً تيار المستقبل، «تخفيف كمية الشروط وخفض السقوف العالية». بحسب اوساط بري لا قطبة مخفية وراء عودة الفريق الاخر الى المجلس النيابي سوى ما اصبح معلوماً، اي التمديد للمجلس النيابي. فالتشريع ليس ابن ساعته، والنقاش حول السلسلة سبق ان تكرر مرات عدة، ولم يحمل جديدا، وتاليا فلا مسوغ للعودة الى قبول التشريع الحالي ولو تحت سقف الحفاظ على المالية العامة وسمعة لبنان ربطا باصدار سندات اليوروبوند، الا للتمهيد لجلسة التمديد للمجلس النيابي. وهذه العودة من جانب واحد، اي لا صفقة سياسية حول التمديد طالما ان بري مصر على اجراء الانتخابات، برغم اعتبار بعض خصومه ان ما يقوم به مجرد مزايدة سياسية.

ترفض اوساط بري اي مقاربة سياسية لرغبة بري او الطرف الشيعي بالتمديد للمجلس النيابي «سياسيا». اما المبررات الامنية، فأمر آخر، وتساوي بين جميع القوى السياسية، رغم وجود وجهة نظر تشير الى ان العراق شهد في يوم الانتخابات سلسلة تفجيرات امنية، وحال لبنان اليوم افضل بكثير من حال العراق رغم كل المخاطر المحطية به. لذا لا تستبعد اوساط بري، حتى اللحظة الاخيرة، امكان اجراء الانتخابات النيابية، وهو تحسب لذلك باتخاذه اجراءات من خلال آليات الترشيح في عدد من المناطق المعني بها.

المشكلة في اجراء الانتخابات تبدو حتى الان لدى فريق المستقبل، الذي كان بعض نوابه يرفضون الترشح واجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، لكنهم كانوا اول المسارعين الى تقديم ترشيحاتهم، اسوة بشخصيات مسيحية كانت ترفض الترشح الا وفق المشروع الارثوذكسي، لكنها ايضا قدمت ترشيحاتها. والازمة الانتخابية مع المستقبل اليوم تكمن في ان الرئيس سعد الحريري قال صراحة انه ليس مع اجراء الانتخابات النيابية، فما الذي يمنعه من سحب الترشيحات قبل الموعد المحدد لها، وحينها يضع البلاد امام استحقاق آخر؟

سياسيا وانتخابيا، يتعاطى فريق بري بارتياح تام الى وضعه الانتخابي، بعدما فاز بري وثمانية نواب من لائحة التنمية والتحرير بالتزكية. وبالتالي يمارس هذا الفريق ادارته للعبة الانتخابات والتمديد من زاوية الاطمئنان الى وضعه الانتخابي، فيذهب الى التشدد السياسي بضرورة اجراء الانتخابات، رافضا تحمل وزر التمديد للمجلس النيابي والضغط من اجل ارجاء الانتخابات. لذا سيصوت هذا الفريق ضد التمديد مهما كانت الاجواء السياسية والاتفاقات التي ترتسم. وهو بذلك يزيل عنه ما اتهم به سابقا من انه وراء التمديد الحالي لمجلس النواب سنة وستة اشهر.

اما حلفاؤه، فامر آخر، وخصوصا ان لحزب الله حساباته المتعلقة بوضع لبنان وسوريا الامني، فيما العماد ميشال عون، الذي تحرص أوساط بري على تأكيد العلاقة الجيدة به، مستعد للانتخابات ويتحدث عن زيادة حصته ثمانية نواب على الاقل، ويبدو أقل تشددا من السابق ويتجه الى عدم عرقلة مشروع التمديد وان صوّت ضده.