انطلقت الورشة، والورشة من أمِّ المؤسسات، مجلس النواب، ولولا المبالغة، لكان بالإمكان القول إنَّ على النواب أن يناموا في مكاتبهم في ساحة النجمة، المقابلة لمبنى المجلس، لأنَّ الشغل دفق مرة واحدة.
أمس كانت جلسة تشريعية سارت وفق ما تم التخطيط لها لإقرار مشاريع القوانين الثلاثة، الواردة من الحكومة، وفي مقدمة هذه المشاريع مشروع قانون الضرائب، بعدما تم تعديله بصيغة لا يبقى عرضة لنيران الإبطال من المجلس الدستوري، وهذا القانون هو الذي يعوَّل عليه لتأمين تمويل سلسلة الرتب والرواتب.
الثلاثاء المقبل، في مثل هذا اليوم، ومع بدء مجلس النواب عقده العادي، يبدأ المجلس درس موازنة العام 2017، وذلك سيكون في جلسات متتالية بغية الإنتهاء من الوضع الذي كان سائداً منذ العام 2005، من خلال الصرف على القاعدة الإثنتي عشرية.
المفارقة الكبيرة أنَّ مجلس النواب كان يُفترض فيه أن يدرس اعتباراً من 17 الجاري موازنة العام 2018، هكذا يقول الدستور، لكن بسبب التراكمات والشغور وتمرير الصرف من دون موازنات، فقد كان هناك إصرار من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على إصدار موازنة العام 2017 في قانون، ولو بتأخير سنة. وبعد ذلك يبدأ مجلس الوزراء بدرس موازنة العام 2018 لإحالتها إلى مجلس النواب الذي يكون قد انتهى من موازنة العام 2017.
هكذا ستكون هناك جلسات ماراتونية لمجلس النواب، تبدأ في 17 تشرين الأول ولا تنتهي إلا بعد صدور موازنة العام 2018 أيضاً في قانون.
وهكذا يكون انتظام العمل المالي قد بدأ بعد سنوات من الفوضى المالية، فيعود الصرف وفق الموازنة، ويتم التفرُّغ إلى الإصلاح الحقيقي من خلال التعرف إلى مكامن الخلل والهدر في إدارة الدولة اللبنانية، وليس صعباً التعرف على هذه المكامن لأنها ظاهرة للعيان ولا تحتاج سوى إلى قرار.
***
وبعد إقرار موازنتين في دورة واحدة في مجلس النواب بين 17 تشرين الأول و31 كانون الأول، هناك الجهد المضاعف لقانون الإنتخابات مع كل مراسيمه التطبيقية ليكون جاهزاً للتطبيق حين يحين موعد الإنتخابات في أيار المقبل، وهذا الموعد نهائي ولا عودة عنه وبتأكيد من رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يجزم بأنَّ الموعد بات ثابتاً ولا تمديد رابعاً.
***
على رغم اقتراب المهل، فإنَّ إعطاء إشارة الإنطلاق للإنتخابات، لن تكون قبل مطلع السنة، بعد أن تكون الحكومة قد انتهت من تراكمات الموازنات، ومع مطلع السنة الجديدة تبدأ التحركات الجدية. فتكون سنة 2018، في نصفها الأول، سنة انتخابات نيابية بامتياز، فينتظم العملَيْن المالي والتشريعي، في انتظار حكومة العهد الثانية التي ستكون برئاسة الحريري أيضاً.