IMLebanon

الجلسة التشريعية في مهبّ “الميثاقية المسيحية”

 

تتجه الأنظار نحو مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، حيث من المقرر أن تلتئم هيئة مكتب مجلس النواب للمرة الثانية، بغية التوافق على جدول أعمال جلسة تشريعية مفترضة، يسعى رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى تحديد موعدها تحت عنوان «تشريع الضرورة»، وسط إنسداد أفق الإستحقاق الرئاسي بسبب الإنقسام العمودي والأفقي الذي يطبع واقع القوى السياسية والنيابية المتمثلة في البرلمان.

 

كثيرة هي الأسئلة والتكهنات حول مصيرالجلسة، لكن الثابت الوحيد حتى الآن هو أن التوافق على موعد الجلسة والسير بها وتأمين نصابها قد أصبح في حكم عدم المتوفر، بعد موقف «التيار الوطني الحر» الذي أعلن مقاطعة الجلسة، إنسجاماً مع المواقف التي سبق وأطلقها رئيسه النائب جبران باسيل الذي اعتبر أنّ ما ينطبق على إنعقاد حكومة تصريف الأعمال في ظل الشغورالرئاسي، ينطبق على جلسات مجلس النواب، باعتبار مجلس النواب هيئة ناخبة «إلا في حالات الطوارئ والضرورة القصوى».

 

وجاء موقف تكتل «لبنان القوي» أمس ليحسم الالتباس لجهة عدم المشاركة في الجلسة التي قد تتم الدعوة إليها، وبالتالي ينتظر إجتماع هيئة مكتب مجلس النواب إبلاغ عضو الهيئة النائب الان عون للرئيس بري بهذا الموقف، ما يزيد من تأزم وتعقيد المشهد الداخلي.

 

وعلى الرغم من إعادة النظر في جدول أعمال الجلسة وتقليصه إلى 10 إقتراحات ومشاريع قوانين كحد أقصى، إلا أنّ هناك من يرى أنّ المشكلة باتت ربما أكبر من تأمين نصاب الجلسة ومضمون جدول أعمالها.

 

وعلى قاعدة أنّ وضع البلاد بات كوضع المريض المصاب «بالاشتراكات» حيث كلما تمت معالجة حالة من حالات مرضه، يتم إكتشاف إصابة جديدة، فإن التعامل مع الجلسة بات يتم على قاعدة الشروط والشروط المضادة، إضافة إلى الإنقسام النيابي الذي يشهده البرلمان.

 

فهناك من يرى أن النائب جبران باسيل يُحاول «رد الإجر» لحليفه «حزب الله» عطفاً على مشاركة الأخير في جلسات مجلس الوزراء، لا سيما وأنّ أحد بنود جدول أعمال الجلسة التشريعية المنتظرة، يتضمن التمديد للمديرالعام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وهو من مطالب «الحزب»، كما أنّ المواجهة على الساحة المسيحية بين حزبي «التيار» و»القوات» دفعت باسيل إلى رفع سقف مواقفه إلى درجة بات من الصعوبة عليه بمكان التراجع عنها بسهولة.

 

وهناك من ربط مشاركته في الجلسة بطرح بنود محددة، ككتلة «الإعتدال» التي تُريد أن يشمل قانون التمديد المديرالعام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان مع العلم أنّ ولايته لا تنتهي في وقت قريب، وهذا الأمر دفع بهؤلاء النواب إلى تأجيل موعد إجتماعهم من الثلاثاء الماضي إلى الثلاثاء المقبل لمعرفة مصير الجلسة وتحديد موقفهم بناء على جدول الأعمال. وطريقة «خذْ وأعطِ» على حدّ وصف أحد النواب، باتت لا تجوز في التعامل مع واقع البلاد المؤلم والمتحلل يوماً بعد يوم، بينما المطلوب العقلانية والإرادة والقرار في التوجه نحو عقد جلسات مفتوحة، لإنتخاب رئيس للجمهورية وإعادة إطلاق دورة العمل في المؤسسات الدستورية وإنقاذ البلاد من الإنهيارالذي وصلت إليه.

 

وإذا كان موقف تكتل «الإعتدال» ومعه بعض النواب الآخرين الذين سيجتمعون الثلاثاء المقبل وهم النواب: بلال الحشيمي، محمد سليمان، عماد الحوت، نبيل بدر، عبد العزيز الصمد، أحمد الخير، وليد البعريني، ليس على نفس «الموجة» ولكن للضرورة أحكاماً، فإنّ إقتراح قانون «الكابيتال كونترول» بات لقيطاً والجميع تقريباً أصبح ضده بعد الأجواء التي تعم البلاد ولم يعد قانوناً إصلاحياً يُريده صندوق النقد الدولي وبالتالي لم يعد مادة صالحة للتفاوض عليه.

 

بالموازاة، هناك كتل ونواب سبق وأعلنوا مقاطعة الجلسة وعدم الإعتراف بما ينتج عنها والطعن في قراراتها، وهؤلاء قارب عددهم الخمسين نائباً، إلى جانب المترددين وبعض من يغيبون بشكل دائم… كل ذلك يزيد من الإلتباس والغموض حول مستقبل الجلسة المفترضة والتي بات من المؤكد أنّه في حال تمّ التوافق على انعقادها، سيقتصر جدول أعمالها على التمديد لقادة الأجهزة الأمنية وإتفاقيات القروض وإقتراح الإجازة للحكومة بالصرف على القاعدة الإثنتي عشرية لحين صدورالموازنة، إضافة إلى «الكابيتال كونترول» الذي لم يعد يُعرف مصيره بعدما ربطه البعض بخطة التعافي وإعادة هيكلة المصارف.

 

في المحصلة، الكل ينتظر يوم الإثنين ليُبنى على الشيء مقتضاه وسط سؤال كبير وهو: هل هناك من يُريد تحلل مجلس النواب وهو المؤسسة الدستورية الوحيدة التي لا تزال قائمة؟ وما هي الأسباب القاهرة أو الإستثنائية والضرورية والطارئة التي تستدعي التشريع أو انعقاد مجلس النواب؟؟!