من «أدبيات» الحقبة السورية، أنّه حين احتدم النقاش حول «الوجود»، أو «الإحتلال» السوري في لبنان، خرج منظِّرو تلك الحقبة بشعارٍ، اختزلوا فيه، من وجهة نظرهم، الواقع السوري في لبنان، فقالوا إنّه «ضروري وشرعي وموقت».
يبدو أنّ منظِّري «التيار الوطني الحر» يستعينون بتلك الأدبيات، ويستعيرون منها ما يرونه مناسباً، في معرض موقفهم من الجلسة التشريعية التي يعتزم رئيس مجلس النواب نبيه بري الدعوة إليها. يقولون في أحد بياناتهم: «إنّ أي تشريع محكوم بضوابط شديدة يحكمها «الطارئ والمستجِد والإستثنائي»! أليست هذه المصطلحات شبيهة بمصطلحات الحقبة السورية، «ضروري وشرعي وموقت؟».
ألا يعني ذلك أنّ ما سيتم تشريعه هو «ضروري وشرعي»؟ وأكثر من ذلك، بماذا يختلف ما سيجري في مجلس النواب عما جرى على مدى جلستين لمجلس الوزراء؟ في مجلس الوزراء تباكٍ على الميثاقية، في مجلس النواب «الطارئ والمستجِد والإستثنائي» أقوى من الميثاقية.
«التيار الوطني الحر» ليس ضدّ أن ينعقد مجلس الوزراء في فترة الفراغ الرئاسي، بل يشترط حضور جميع الوزراء ووضع تواقيعهم جميعاً، وفي حال غاب وزير واحد، يَعتبر قرارات مجلس الوزراء غير شرعية وغير دستورية.
السؤال هنا: لماذا لا يتمسّك «التيار الوطني الحر» بالشرط الذي وضعه بالنسبة إلى الحضور؟ هل يكون حضور جميع الوزراء منطقياً، ولا يكون حضور جميع النواب منطقياً؟ أكثر من ذلك، إذا كان أي مشروع قانون، يصدر عن مجلس النواب، بحاجة إلى توقيع رئيس الجمهورية، فمَن سيوقِّع؟ وكيف سيتم التوقيع، ليصبح القانون نافذاً، في غياب رئيس الجمهورية؟
رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل يريد أن يُسدِّد دَيْناً للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الذي من بنود جدول أعمال الجلسة التشريعية، التمديد له. اللواء ابراهيم كان استضاف رئيس «التيار» جبران باسيل، في جولته الجنوبية، فنام في دارته ثم انطلق في اليوم التالي في الجولة. اللواء ابراهيم يرفض التمديد وفق صيغة تصدر عن وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي، وهي الصيغة التي سبق أن اعتمدت عند التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي.
تبقى هناك صيغة ثانية وهي أن يصدر قانون عن مجلس النواب، فهل تمر الجلسة؟ رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل يربط حضور الجلسة بأن يتضمن جدول أعمالها قانون الكابيتال كونترول، على رغم الاعتراضات الهائلة عليه، بهذا المعنى، ما هو التوصيف لقانون «الكابيتال كونترول»؟ هل هو «الطارئ» أو»المستجِد» أو «الاستثنائي»؟
إذا انعقدت الجلسة التشريعية، يكون باسيل قد خسِر معركة «ميثاقية» جلسات مجلس الوزراء، إذ لا يعقل أن يتمسك بالميثاقية في السراي، ويفرِّط بها في ساحة النجمة، وثلاثية «الطارئ والمستجد والإستثنائي»، لا تغطّي عيب «عدم الميثاقية».