بحسب المادة 57 من الدستور يمتلك رئيس الجمهورية حق طلب إعادة النظر في القانون مرةً واحدةً ولا يجوز أن يرفض طلبه ويصبح الرئيس في حلٍ من إصدار القانون إلى أن يوافق عليه المجلس بعد مناقشةٍ أخرى بشأنه وإقراره بالغالبية المطلقة.
هذه الصلاحية هي من الصلاحيات التي يُختص بها رئيس الجمهورية ولا يمكن تجييرها لغيره أو أن تنتقل إلى مجلس الوزراء في وضع الشغور الرئاسي، تماماً كصلاحية إجراء الإستشارات النيابية الملزمة التي لا تنتقل أيضاً إلى مجلس الوزراء.
فالحكومة التي تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية وهي حكومة تصريف أعمالٍ تجتمع وتعد أيضاً مشاريع قوانين أو كانت قد أعدت بعضها وأرسلتها إلى مجلس النواب عندما كانت حكومةً فعليةً، ولكن هذه الحكومة تشارك مجتمعةً في حضور الجلسات التشريعية وتبدي رأيها في مشاريع واقتراحات القوانين التي تناقش وتقر، وهنا يبرز السؤال: هل يحق مثلاً وبموجب صلاحيات رئيس الجمهورية أن تطلب هذه الحكومة مجتمعةً في زمن الشغور من مجلس النواب إعادة النظر في قانون أصدره؟ وإذا كان هذا القانون لم يعجب وزيراً واحداً فهل يحق لهذا الوزير في زمن الشغور أن يطلب من مجلس النواب إعادة النظر في هذا القانون؟
إن المشاركة في أي جلساتٍ تشريعيةٍ في ظل الشغور الرئاسي، ما هو إلا إتاحة الفرصة أمام حكومة تصريف الأعمال كي تمارس المزيد من صلاحيات الرئيس، كما أنّه لا فرق بين اجتماع الحكومة في السراي الحكومي، واجتماعها على مقاعد المجلس النيابي، ففي الحالتين تمارس الحكومة المستقيلة أدواراً ينكرها عليها من يرفضون المشاركة في جلسات مجلس الوزراء ومن يدعون الحرص على الموقع المسيحي الأول في الدولة.
إزاء هذا الواقع المتردي لا تنفع كل التحليلات والدراسات الدستورية لأنّ ما يقول به هذا الطرف يأتي الطرف الآخر بنقيضه، وبالتالي تبقى بداية الحل مرتبطةً بانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقتٍ ممكن ما يقطع الطريق أمام أي محاولات للإستفراد بالحكم وإدارة البلاد، ولن يحصل ذلك إلا إذا قرر «التيار الوطني الحر» التخلي عن عملية التعطيل المقنّع للإنتخابات الرئاسية من خلال الورقة البيضاء، والاتجاه نحو الإعلان عن مرشحه فيقطع الطريق على المعطّلين الآخرين ويثبت بما لا يقبل الشك حرصه على الرئاسة وصلاحياتها.