أيامٌ معدودة ويستقرّ المشهد السياسي العام على المستويين الحكومي بعد اللقاء الثالث المرتقب بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي، والنيابي على أثر تحديد موعد لجلسة تشريعية عامة للمجلس النيابي، يضطلع بها النواب بالدور التشريعي المنوط بهم كما بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم، وذلك لجهة وضع الأمور في نصابها ومواكبة اللحظة الداخلية الدقيقة على مستوى إقرار التشريعات الضرورية التي كان اشترطها صندوق النقد الدولي على الحكومة من أجل استكمال المفاوضات وتوقيع برنامج تمويل يحصل بموجبه على 3 مليارات دولار، تؤمّن الإنتقال ولو بشكلٍ أولي إلى مرحلة التعافي.
وتعتبر مصادر نيابية مطلعة أن المجلس النيابي، ليس هيئةً تنفيذية وهو يعمل على مطالبة الحكومة بحلّ الأزمات المتعددة التي باتت تواجه المواطن في كل يوم، وبالتالي فإن المجلس سيّد نفسه وهو يقوم بالمهمات المناطة به وأحياناً يقارب الأزمات الملحة، ولكن القرارات الفعلية لا تزال لدى السلطة التنفيذية ولو كانت الحكومة اليوم مستقيلة وعاجزة عن عقد جلسات وزارية. وتكشف هذه المصادر أن الظروف الحالية تحمل صفة الإستثنائية والدقيقة، وتستوجب أن تبادر حكومة تصريف الأعمال إلى تحمل مسؤولياتها خصوصاً على مستوى الشلل الذي بات يهدد المؤسسات الرسمية ويعطل انتظام عملها ولو بالحد الأدنى.
كذلك فإن المصادر النيابية نفسها، ترى أن الوقت يسير بعكس المصلحة اللبنانية واستمرار السجال حول ملف تشكيل حكومة جديدة، يهدد بالمزيد من الوقت الضائع والذي يدفع ثمنه غالياً المواطن كما المؤسسات العامة، والمعطلة حالياً بسبب إضراب الموظفين في القطاع العام منذ شهر.
وعليه تجزم هذه المصادر أن المجلس النيابي، قد يكون قادراً على مساعدة الحكومة من أجل المبادرة ووضع حدّ لمسلسل التدهور والتحلل الذي تشهده المؤسسات العامة، وبالتالي بحث سبل إنصاف الموظفين الذين باتوا عاجزين عن تأمين أدنى متطلبات العيش الكريم، خصوصاً وأن راتب البعض منهم لا يتجاوز الخمسين دولاراً. لكن هذا الواقع، لا يلغي أن القرار التنفيذي هو لدى حكومة تصريف الأعمال التي ما زالت عاجزة عن مواكبة تطورات الأزمة المالية والإقتصادية والإجتماعية، وذلك بينما لا تزال المساعي لتأليف حكومة جديدة تأخذ زمام المبادرة، معلّقة على وقع السجالات حول الصلاحيات والحقوق، وليس حول البرامج والخطط المطلوبة من أجل الإنتقال إلى مرحلة التعافي.
ولذا فإن المصادر النيابية، تعتبر أن المجلس النيابي قادر على الضغط على الحكومة الحالية، من أجل اتخاذ القرارات اللازمة لحلّ الأزمات، وذلك في حال تأخرت ولادة الحكومة الجديدة ، أو في أقصى الإحتمالات، عجزت حكومة تصريف الأعمال عن إيجاد آلية عمل لإعادة إطلاق عجلة القطاعات الإقتصادية المنتجة. ومن هنا تؤكد المصادر أن الجلسة النيابية العامة المقبلة، ستتناول كل تطورات الواقع الداخلي من خلال مداخلات النواب، وخصوصاً النواب “التغييريين”، الذين سبق وأطلقوا دعوة إلى المجلس النيابي، من أجل وقفة تاريخية لصالح المواطنين الذين يشعرون أنهم متروكون لأزماتهم ومشاكلهم ومن دون أية حلول في الأفق.