مع بدء العد العكسي لانتخابات المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى، تتسارع الاتصالات لتركيب لوائح وعقد تحالفات. شمالاً، أقفل باب الترشيحات على 43 مرشحاً في طرابلس التي يخصّص قانون الانتخاب لها سبعة مقاعد من أصل أعضائه الـ32 (24 بالانتخاب و8 يعيّنهم المفتي). هذه الحصة جعلت عاصمة الشمال تشكل المرتبة الثانية من حيث الحجم والثقل والتأثير بعد حصة بيروت التي يخصّص لها ثمانية مقاعد.
قبل أيام من موعد إقفال باب الترشيح، اطّلع الرئيس نجيب ميقاتي من مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار على مسودة لائحة توافقية «في مسعى يهدف إلى تجنيب الطائفة السنّية انقسامات داخلية» بحسب أوساط مقرّبة من الأخير. إلا أن ملاحظات ميقاتي عدّلت بشكل كبير في اللائحة التي يُعتقد بأنها ثمرة تشاور أو ربما بإيعاز من الرئيس سعد الحريري. وبحسب مصادر مواكبة، فإن تحفّظات ميقاتي أسقطت أربعة أسماء من اللائحة السباعية لتقتصر على ثلاثة مرشحين هم أعضاء في المجلس المنتهية ولايته: جلال حلواني (تيار المستقبل)، ومنذر ضناوي (مقرّب من الشعار) وخلدون نجا (مقرّب من النائب محمد الصفدي).
التحفّظات لم تقتصر على رئيس الحكومة السابق، بل انسحبت أيضاً على فعاليات قضاء المنية ــ الضنية، إذ رأى هؤلاء أن إسقاط اللائحة السباعية على هذا القضاء الذي يشكل ثلث أعضاء الهيئة الناخبة (136 عضواً) «استمرار لتجاهل تمثيل القضاء في المجلس الذي يضمّ حوالى 12 في المئة من سنّة لبنان». ولفتت المصادر الى «تنصّل» الشعار من تعهداته، إذ إنه أكد، قبل أيام، أمام وفد من رؤساء بلديات القضاء (هم أعضاء في الهيئة الناخبة)، أنه «يؤيد ويدعم مطلبهم بتمثيل القضاء في المجلس وسيعمل على ترسيخ هذا التمثيل وتثبيته».
الشعار تنصّل من تعهداته لفعاليات المنية ـــ الضنية
قبله، جزم الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري، خلال زيارته للضنية في 20 آذار الماضي، بأن المستقبل يسعى «لتمثيل الضنية والمنية في المجلس باعتباره مطلباً محقاً للمنطقتين». الشعار سمع بنفسه وعد الحريري عندما كانا يفتتحان مسجداً.
وكما الضنية والمنية، لطرابلس مآخذ على لائحة مفتيها. فقد تجاهل الشعار بقية القوى السياسية باستثناء المستقبل وميقاتي، ولم يتشاور مع النائب الصفدي أو الوزير السابق فيصل كرامي أو الجماعة الإسلامية وغيرهم. ترجّح المصادر أن «يحفّز التجاهل هذه القوى على خوض الانتخابات لإثبات ذاتها ورفض سياسة الفوقية والإلغاء التي يتبعها الحريري وتياره تجاه القوى السنيّة الأخرى». وتوضح أنه «إذا أصرّ الحريري على هذه السياسة فإنه سيجد أمامه تحالفاً واسعاً يضم ميقاتي والصفدي وكرامي والجماعة الإسلامية والنائب السابق جهاد الصمد الذي يمتلك نفوذاً هو الأكبر بين أعضاء الهيئة الناخبة في الضنية والمنية».
أما في عكار، التي خُصّص لها مقعد واحد، فقد سُجّل 11 مرشحاً، كان مفاجئاً أن العضو الحالي في المجلس محمد المراد (عضو في المكتب السياسي لتيار المستقبل) لم يكن من بينهم. وتفيد معلومات بأن الحريري أعطى وعداً لرجل الأعمال علي طليس ليخلف المراد، وهو ما لقي تحفظاً واسعاً، ليس على طليس، بل بسبب أسلوب فرض المرشحين على القواعد الناخبة، فيما تفيد معلومات «الأخبار» أن المراد، مدعوماً من الرئيس فؤاد السنيورة، يطمح إلى منصب مدير عام الأوقاف.