موجعاً كان المشهد أمس على طرقات لبنان. إنه الى ذلك مرفوض في المبدأ وفي التفصيل. وليس مسموحاً بأي شكل من الأشكال أن يستمر أصحاب المطالب «يتمرجلون» على الناس الأبرياء، العزل، من عمال وموظفين، وتجار ومصرفيين، و(…) كباراً وصغاراً، نساء ورجالاً، أصحاء ومرضى الخ…
وحسناً فعل نهاد المشنوق بالقرار الحاسم الذي إتخذه خصوصاً بمهلة الساعة التي حدّدها لفتح الطرقات.
وإن ما حدث في منطقة خلدة – الكوستا برافا هو أيضاً مرفوض ومدان بقوة… لقد كان الإعتداء على المواطنين والسيارات وتكسير زجاج بعضها، وتحطيم أجزاء منها إنما هو عمل أقل ما يقال فيه إنه وحشي بكل ما للكلمة من معنى.
فالمشهد الذي عايناه، أمس، وانتقل الى العالم قاطبة، أثبت بضع حقائق قد نرى من المفيد أن نشير الى بعضها.
أولاً – كان الوضع يشي بأننا في بلد الفلتان على الغارب، واستمر هذا الإنطباع سائداً الى أن إتخذ وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق قراره الشجاع والمهم والذي أهم ما فيه، في تقديرنا، ليس مهلة الساعة الواحدة وحسب إنما إيضاً التعهد بمنع قطع الطرقات من الآن وصاعداً.
ثانياً – إن تخلّف السلطة، بحكوماتها المتعاقبة، عن عدم بت الأمور، والسماح بالفلتان، واستباحة الطرقات وتعريض أمن الناس ومصالحهم وحياتهم أحياناً للإستهانة والضرر، ترك إنطباعاً لدى كل طرف أن في مقدوره أن يفعل ما يشاء، ساعة يشاء، حيثما يشاء وآن يشاء.
ثالثاً – لا شك في أنّ للناس مطالب، بل إن لهم كمّاً هائلاً متراكماً من المطالب، وقد إستحقت كلها دفعة واحدة في وجه هذا العهد، وهذه ضريبة وجد العهد نفسه مضطراً لأن يدفعها أو يواجه مفاعيلها في أي حال… إلا أن العين قد تكون بصيرة ولكن اليد هي قصيرة أكيداً. وإذا كانت قصيرة من دون تحقيق مطالب الناس، فلا يجوز أن تكون قصيرة إزاء حمايتهم في أمنهم ومصالحهم.
رابعاً – هناك سؤال يفرض ذاته بالضرورة: من هي الجهة أو الجهات أو الأطراف التي تعوّض الناس ما تكبدوه ودفعوه، أمس، على صعدان مختلفة خصوصاً الذين عانوا صحياً من قطع الطرقات، أو المؤسسات التي تعطلت أعمالها وسائر المصالح التي تضررت لساعات طويلة؟! ناهيك بالمهانة والإذلال والإعتداء المباشر؟!
خامساً – إن ما جرى، والمخطط له لأن يجري في طالع الأيام، هل هو بريء من دنس السياسة ومصالحها… من أصحاب الشاحنات الى «المياومين»؟!.
سادسا – ساذج من يعتقد أن ليس هناك مخطّط محكم يجري تنفيذه بمنهجية وفق «جدول أعمال» متقن، والهدف هو وضع العصي في دواليب هذا العهد الذي يبدو أن الساعين الى عرقلته كثُر!
سابعاً – أليست المناسبة سانحة كي يأخذ المسؤولون العبرة من الأحداث المتصاعدة وتيرتها في شكل بياني واضح، فيسارعون الى إطلاق عجلة الحل للأزمة المفتعلة بالنسبة الى قانون الإنتخابات، وأساساً الى حتمية إجراء الإنتخابات النيابية.
ثامناً وأخيراً وليس آخراً – يجب وقف أعمال القرصنة والزعرنة والمرجلة على الدولة وعلى الناس الطيبين الآمنين بشكل رادع حاسم… ولقد آن الأوان للبنانيين أن يستيقظوا على طرقات «سالكة وآمنة» من الناقورة الىالنهر الكبير.