Site icon IMLebanon

أسئلة مشروعة

جرعة التفاؤل التي ضخّها أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله عندما تحدث عن ثقته التامة بالرئيس العماد ميشال عون بعيدة عن أية صفقات أو تفاهمات، تركت ارتياحاً في الأوساط السياسية وعند اللبنانيين بمعظم إنتماءاتهم، وانطباعاً بأن حزب الله عازم على تسهيل مهمة العهد لتكون انطلاقته قوية وغير محفوفة بالعراقيل، لا سيّما بالنسبة إلى تشكيل حكومته الأولى برئاسة الرئيس سعد الحريري الذي يُعتبر هو وفريقه من أبرز الخصوم للسياسة التي يعتمدها الحزب سواء في الداخل حيث يُشهر هيمنة السلاح، وفي الخارج حيث ينغمس في الأزمات التي يعيشها الإقليم وسوريا تحديداً تنفيذاً لأوامر إيرانية التي تخوض معارك التوسّع في العالم العربي بدءاً من سوريا مروراً بالعراق واليمن، ولا تتوقف عند حدود البحرين.

لكن هذه الجرعة من التفاؤل اصطدمت بانعطافة السيّد نصر الله على الترتيبات الداخلية للعهد الجديد وفي مقدّمتها تشكيل حكومة جامعة تعكس الصورة الحقيقية لهوية العهد، التي عبّر عنها الرئيس المُنتخب في خطاب القَسَم حيث أن أمين عام حزب الله فوّض الرئيس نبيه برّي في كل ما يتعلّق بأمر تشكيل حكومة العهد الأولى بالرغم من أن رئيس المجلس هو الذي قاد جبهة معارضة انتخاب العماد عون، ووضع شروطاً صعبة في وجهه حتى قبل انتخابه أسماها الجهاد الأكبر أي مرحلة تشكيل الحكومة ما يعني أن الرئيس برّي أخذ قراره مسبقاً بعدم تسهيل عملية التأليف إلا إذا سلّم الرئيس المُكلّف ومثله رئيس الجمهورية بشروطه المعلن عنها مثل الإقرار بقانون إنتخابات على أساس النسبية وإسناد حقيبة وزارة المالية إلى الطائفة الشيعية كتعويض لها عن الحرمان الذي ألحقه بها إتفاق الطائف، إضافة إلى شروط أخرى تتعلّق بالمقاومة والبيان الوزاري وتمثيل المعارضة في الحكومة على قدم المساواة مع الذين انتخبوا الرئيس.

كل هذه الشروط لا يمكن ولا يجوز أن يقبل بها رئيس الجمهورية الموثوق من حزب الله كما جاء في خطاب السيّد حسن نصر الله الأخير، ولا حتى الرئيس المكلّف الذي لولا انعطافته الجريئة لما كانت الانتخابات الرئاسية ولا كان الجنرال اليوم في بعبدا يتربّع على رأس السلطة ويُنهي الفراغ الذي كان يهدّد النظام والكيان، وبالتالي، فإن الأفق سيكون مسدوداً أمام التأليف، وستكون البلاد مُقبلة على أزمة حكومية قد تمتد إلى ما قبل الانتخابات النيابية في ظل حكومة مستقيلة، ويصبح عندها أمر إجراء الانتخابات موضوع شك وشبه مستحيل.

الرئيس برّي منذ تصريحه الشهير في قصر بعبدا بعد اجتماعه إلى الرئيسين عون والحريري التزم الصمت ولم يرشح شيء عن موقفه من الشروط التي وضعها وهل ثمّة إمكانية للرجوع عنها لكي يسهّل عملية التأليف ويُطلق عجلة الحكومة قبل عيد الاستقلال في الثاني والعشرين من الشهر الجاري أم أن مسألة حقيبة المالية غير قابلة للمساومة وبالمقابل ماذا سيكون موقف الرئيسين عون والحريري، وهل يسلّمان بهذا الأمر الواقع ويفتحا بذلك الباب أمام تعديل اتفاق الطائف الذي أعلنا تمسكهما به وبتطبيقه من دون أي استنسابية أو إنتقائية على حدّ ما جاء في خطاب القَسَم. الجواب على كل هذه التساؤلات منوط بما سوف تكشف عنه الأيام القليلة المقبلة التي تلي المشاورات التي يجريها الرئيس المكلّف، وتنتهي اليوم.