IMLebanon

طول الصراعات والحروب  يسمح برئيس للجمهورية؟

ليس لدينا، حتى اشعار آخر، سوى شيء من حكم القدر تحت عنوان الخيار بالاضطرار. ملوك في جمهورية بلا رئيس. حكومة كل وزير فيها رئيس. مجلس نيابي كل نائب فيه يربح دورتين بانتخاب واحد. ومجلس دستوري يسجل الحيثيات والمبادئ الدستورية التي تنسف شرعية التمديد للمجلس، ويجد نفسه مضطراً في القرار للمواءمة السياسية خوفاً من الفراغ.

الحكومة تعمل بما يعترف الرئيس تمام سلام بأنه نصف طاقتها حيث لكل وزير قدرة على تعطيل أي قرار بما لم يكن يستطيعه الرئيس. والطاقة الوحيدة العاملة في المجلس النيابي هي طاقة رئيسه نبيه بري. فلا نصاب في الجلسات المتكررة المخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية. ولا أمل في التفاهم على قانون انتخاب ما دام كل طرف يريد تفصيل قانون على قياسه. ولا شيء يوحي ان الخوف من النظام النسبي انتهى، وهو الأسهل والأكثر انطباقاً على الغموض البنّاء، لكن مشكلة التركيبة السياسية معه هي انه يفتح أبواب التغيير ويضمن التعددية، بدل الأحادية، داخل كل طائفة وعلى المستوى الوطني.

والكل يتذكر ان صراع المشاريع الاقليمية المغطاة دولياً جعل تأليف الحكومة مهمة متعثرة وربما متعذرة على مدى شهور. وحين قضت الحسابات الاقليمية والدولية بالحاجة الى حكومة لإدارة الأزمة في هامش محيّد عن جزء من الصراعات التي ستأخذ وقتاً طويلاً، فوجئ المسؤولون بابلاغهم بعد تأليف حكومة الرئيس تمام سلام أن هذا كل شيء. فلا انتخابات رئاسية، وإن كانت العواصم ستدعو اليها يومياً في الخطاب. ولم نكن في حاجة الى تبلغ قرارات كبيرة لكي نقرر نحن أنه لا انتخابات نيابية.

لكن شيئاً ما يبدو كأنه يتحرك في هذه الأيام. فالحرب على داعش في العراق وسوريا طويلة، وأطول منها حرب سوريا. والرهان على اتفاق في التفاوض على الملف النووي الايراني صار على مسافة سبعة أشهر. واللعبة في اليمن زادت في تعقيد الأمور. وما بين تركيا والسعودية وايران نوع من السعي لتبريد بعض المحاور وبينها لبنان. وهذا ما يقال انه سمح ببداية فسحة في الأفق، لا لحل الوضع المعقد في لبنان، بل لكي ينتظم عمل النظام بوجود رئيس للجمهورية.

واذا صح ذلك، فان السؤال هو: من سيعمل للافادة من الفسحة وكيف نفك العقدة؟ اذا كانت القوى المحلية جادة في ملء الشغور، فهل تمنعها القوى الخارجية؟ واذا كانت القوى الخارجية هي التي صار من مصالحها انتخاب رئيس، فهل تستطيع القوى المحلية أن تعرقل وتمانع؟

التجارب الماضية تقدم الجواب.