Site icon IMLebanon

أقل من قمّة.. أقرب إلى لقاء!

 

انتهت زيارة الرئيس عون إلى روسيا بإعادة فتح قنوات التواصل مباشرة وعلى أعلى مستوى، ولكن من دون أن تُفضي إلى خطوات فعلية نحو حل أزمة اللاجئين وإعادتهم إلى أرضهم، خاصة أن لبنان وصل لأقصى حدود تحمله لهذا العبء الهائل على كاهله الاقتصادي والاجتماعي والأمني!

وعلى الرغم من التفاوت، في الظاهر على الأقل، بين المقاربة الأميركية والروسية للأزمات الشرق أوسطية عامة والسورية خاصة، إلا أن خلاصة محادثات بوتين وبومبيو مع السلطات اللبنانية تقاطعت حول تأخر الحلول لقضية اللاجئين وبقائهم في الدول المضيفة حتى تصل الحلول السياسية إلى خواتيمها المنشودة أو عبر ربط هذا الملف بإعادة إعمار سوريا، والذي لا يزال بعيد الأمد نظراً لاستمرار المعارك في بعض المناطق وغياب التوافق الدولي على البلاد المعنية بهذا الإعمار والسبيل لتحقيقه. وعلى الرغم من أن هذا الملف يُشكّل أهم أولويات الدولة اللبنانية نسبة للفاتورة الباهظة التي تكلفها والتي باتت تتجاوز قدرتها على التحمّل، إلا أنه تحوّل إلى مادة ضغط خارجي على البلاد المعنية، ولا يمكن إلا أن تستحضر الذاكرة اللبنانية تجربة اللجوء الفلسطيني والمراوحة القاتلة التي ما زال يعاني منها اللاجئون الفلسطينيون والمجتمع اللبناني، على السواء، حتى اليوم.

أما النقطة المهمة الثانية لهذه الزيارة، فكانت التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، والذي اقتصرت نتائجه على العموميات، نظراً لغياب المسؤولين المعنيين عن الوفد المرافق للرئيس عون. فغاب وزير الاقتصاد ووزير الصناعة ووزير الدولة لشؤون النازحين وحتى وزير الدفاع الذي يُشكّل تنسيقه مع روسيا، الناشطة على الأرض السورية مع كل ما لذلك من تأثير على الاستقرار اللبناني، أهمية خاصة؛ مما جعل نتائج هذه الزيارة تقتصر على العموميات والوعود الفضفاضة، من دون أن تُنتج خطط عمل وتعاوناً فعلياً في هذه القطاعات الحيوية والتي لا تضر بتوازنات العلاقات اللبنانية الدولية، بل تستثمر موقعه وتفاعله مع محيطه بشكل بنّاء.

أما النقطة الأخيرة التي خيّبت آمال شريحة كبيرة من اللبنانيين، فهي الشكر الذي توجه به الرئيس عون للرئيس بوتين، كونه يحمي مسيحيي المشرق، وهي نقطة مهمّة، إلا أن الحفاظ على هذا الجزء الذي لا يتجزأ من نسيج المشرق هو هاجس مسلميه بالدرجة الأولى الذين ما برحوا منذ التاريخ يقدمون التنازلات والتطمينات لإخوانهم المسيحيين، ولبنان أكبر دليل، بغية الحفاظ على صيغة التعايش التي تُميّز هذه البقعة من الأرض، التي شكّل هذا التنوع ثروتها البشرية من جهة، وبقي السيف المصلت لإسقاطها في أتون الاقتتال العبثي من جهة أخرى.

إن التحدّث باسم المسيحيين في زيارة رسمية حيث يُمثل الرئيس عون اللبنانيين بكل أطيافهم وطوائفهم تناقضت مع شعار «بيّ الكل» الذي آمن به مسلمو لبنان قبل مسيحييه، ولا ضرورة للتذكير بأن خطر الحركات الإسلامية المتطرفة في الشرق الأوسط طال المسلمين قبل المسيحيين، حيث أن الإسلام المنفتح  يشكل عدوها الأكبر، والجرائم التي ارتكبت كانت بحق المسلمين كأهداف وليس كصدفة! أضف إلى ذلك، أن المشرق وحدة متكاملة، إذا سقطت، أسقطت معها كل شعوبها بغض النظر عن دياناتهم وانتماءاتهم، وإذا تجاوزت هذه المحن، وصل الجميع إلى برّ الأمان. وتجربة الحرب اللبنانية هي خير دليل، فلم يخرج منها رابح وخاسر، حيث دفعت كل طائفة وكل منطقة ضريبة العصبية والدموية، وما زالت حتى اليوم فاتورة التخلف الذي عطل تطوّر لبنان دولة ومؤسسات بفعل الحرب والفوضى تضرب الاقتصاد وتبقيه في خانة الدول المارقة في حين تتجاوز طاقاته وقدراته الكثير من الدول المتحضرة!