IMLebanon

درس من السيسي

 

 

لم تحصل “إنتفاضة” في مصر يوم الجمعة الماضي. بعض الاعلام تبنى “ثورة”، ووكالة “الأناضول” روّجت صورة أُخذت قبل سنوات. غير انه حصل شيء ما يمكن تصنيفه في خانة الإنذار، ويمكن أن يكون درساً للرئيس السيسي ولسائر الجنرالات الذين صاروا رؤساء.

 

وللبناني الذي شارك في الحدث على وسائل التواصل الاجتماعي وفي التلفزيونات ينبغي الايضاح. فالمقاول والفنان محمد علي الذي يعيش خارج البلاد والذي اتهم القوات المسلحة بالفساد، وبالتبعية رئيس البلاد، ليس حالة منظمة ولا هو نواة تحرك له برنامج محدد وأتباع. انه صنيعة مواقع التواصل وتأثيره محدود في مصر. والدليل الى ذلك تجاوب مئات الأشخاص فقط مع دعوات التظاهر في المدن المصرية ونزول بضع مئات الى ميدان التحرير في القاهرة.

 

وبعيداً من سرور “جماعة الاخوان” في دنيا العرب و”يسار البراميل” في ربوع لبنان بالحدث واعتبارهما أن خلع السيسي أزف، كون بدائلهما “مشرفة” الى حد كبير، فإن تململ بعض المصريين وتجاوبهم مع دعوة عشوائية لاسقاط النظام ناجمان بالتأكيد عن خلل في ادارة البلاد، ويتجاوزان أزمات الوضع الاقتصادي الدائمة والتي سجلت بعض التحسن في آخر الارقام.

 

وجوهر الموضوع الذي يجب التنبيه اليه هو خطأ اقفال مجال الحريات العام، أي تحويل دولة كانت تسمح بالتعدد الاعلامي والسياسي في أكلح الأيام الى دولة الرأي الواحد والحزب الواحد (أحزاب السلطة). فرغم ان الصحف والتلفزيونات دائمة الصدور والبث، غير ان أقلامها وصوتها وصورتها تصير باهتة بل واحدة، لا يفرق وسيلة إعلام عن أختها الا مقدار التطبيل والولاء للحاكم والسلطان.

 

وإذ إن سياسة تضييق السياسة والحريات تتمثل في شراء مموّه لوسائل الاعلام وفي ضغوط لمنع نشوء أحزاب جديدة، وفي تفكيك أحزاب موجودة، فإن المواطن يضيق ذرعاً بالعجز عن التعبير والانتظام في اطارات ديموقراطية للنقد أو المعارضة، ويصبح جاهزاً لأي دعوة حتى ولو كانت من نوع النشاز والعشوائية والانفعال.

 

زد على ذلك ان السلطات، على عادة ما يحصل في دول العالم الثالث، تستخدم القضاء بعد ترويض نقابته وناديه وتحوّل النيابات العامة مجرد أدوات. وهكذا يشهد الرأي العام العاجز محاكمات صورية تلفق فيها مواد الادعاء، وتصدر الأحكام الجائرة على الناشطين والصحافيين باسم الشعب والله على السواء.

 

أمِن ذلك درس يستفاد؟