Site icon IMLebanon

عبرة استعادة الجنسية في تجاوب حلفاء عون وجعجع

بتضمن المشروع تسهيل المعاملات الادارية لكل من يريد ان يستعيد جنسيته

بعد 12 عاما من الانتظار، وضع مشروع استعادة الجنسية على جدول اعمال الهيئة العامة. الخطوة متقدمة، لكن تبقى العبرة في اقرار المشروع، والكرة باتت في ملعب حلفاء التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية

واخيرا وضع مشروع قانون استعادة الجنسية على جدول اعمال الهيئة العامة لمجلس النواب.

رحلة المشروع التي بدأت منذ عام 2003، خطت بالامس خطوة حاسمة، يفترض ان تكون قبل الاخيرة، بعدما وضعته هيئة مكتب المجلس امس برئاسة الرئيس نبيه بري، على جدول اعمال الجلسة التشريعية، اثر توقيع التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية عليه كمشروع معجل مكرر.

صحيح ان مظلة سياسية راعية للاتفاق بتحريك عجلة المجلس النيابي وعقد جلسة تشريعية في وقت قريب، ساهمت في هذا المسار الجديد، لكن لا تعني خطوة الامس ان المشروع اصبح في الجيب، اذ ان امامه عقبتين: الاولى يفترض ان تكون شكلية وهي صفة المعجل المكرر، اذ انه بحسب النظام الداخلي للمجلس فان هذه الصفة تطرح على الهيئة العامة ومن الممكن ان ترفض، فيكون المشروع قد عاد الى النقطة الصفر، لكن في ظل الجو التوافقي المطروح حاليا من المستبعد ان يرفض اي فريق سياسي هذه الصفة. ويقول النائب ابرهيم كنعان لـ»الاخبار»: «نتمنى الا نرى الصورة السلبية برفض صفة المعجل المكرر. لان هذا العمل عمل وطني ولا يميز بين لبناني وآخر».

يمنح اقتراح القانون الجنسية لمن سُجّل اجدادهم في إحصاءَي 1921 و1924

اما العقبة الثانية فهي اساسية وسياسية. فبعد تجاوز صفة المعجل المكرر، ينتقل النقاش الى داخل الهيئة العامة. وهنا لا شيء مضمونا. واذا كانت خطوة التوقيع المشترك، بحسب كنعان ترجمة حقيقية لاعلان النيات بين القوات والتيار، الا ان ادراج المشروع على جدول اعمال الهيئة العامة، ايضا ترجم تفاهما بين الرئيس بري والتيار عبر لقاءات مع العماد ميشال عون وكنعان، وبين الاخير والوزير علي حسن خليل من اجل التسريع بالخطوات التنفيذية على طريق اعادة فتح المجلس النيابي والإعداد للجلسة تشريعية، لكن العبرة تكمن ايضا في نهائية الخطوة واقرار المشروع. وهنا التحدي الذي ستواجهه القوات اللبنانية في اقناع حلفائها، اي تيار المستقبل، بالوقوف معها والتصويت لمصلحته، وكذلك التيار في تأليب حلفائه جميعا لدعم الاقتراح. علما ان العماد ميشال عون سبق ان قال في مقابلته التلفزيونية الاخيرة انه مصرّ على هذا المشروع ولو استفاد منه شخص واحد لانه بذلك يرضي ضميره تجاه المنتشرين.

يقول النائب ايلي كيروز الذي كان وكنعان مسرورين بالانجاز، لـ»الاخبار» ان ما حصل «تغيير مهم وخطوة اساسية تعني المسيحيين واللبنانيين جميعا وهي حق لجميع الذين يستحقون استعادة جنسيتهم». لكنه لا ينفي صعوبة اقرار المشروع: «ففي السابق وخلال نقاشاتنا في اللجنة المصغرة، كانت وجهات النظر مختلفة، ولم نتفاهم على بعض الامور مع بعض الاطراف. المرحلة الثانية دقيقة وصعبة». تتشاور القوات بحسب كيروز مع حلفائها حول الخطوة المقبلة، علما ان «لدى الجميع وجهات نظر مختلفة».

اما كنعان، فيقول إن «ما تحقق واجب وطني تجاه المتحدرين من اصل لبناني، كي نعطيهم حقهم بالجنسية وفاء لتضحياتهم، فيما شهدنا سابقا اعطاء غير اللبنانيين وغير المستحقين الجنسية اللبنانية. هذا القانون لا يدخل في حسابات سياسية واصطفافات، ولا خلفيات سياسية له، وقد عملنا مع القوات على توقيعه، ونتمنى على جميع الكتل التجاوب. ففي هذا الملف لا يوجد حلفاء او خصوم، بل شركاء لتصحيح الخلل المزمن».

ما هو المشروع واهدافه

حفلت السنوات الماضية بنقاشات عدة حول المشروع الذي صُبغ بصبغة مسيحية ومارونية تحديدا، وأعطي تفسيرات عدة حول حقيقة المطالبة باستعادة الجنسية للمتحدرين من اصل لبناني، وعما اذا كان يخدم المسيحيين وحدهم من دون سائر اللبنانيين، ام انه يخدم المسلمين والطائفة الشيعية تحديدا بحسب اجواء المستقبل. علما ان المسيحيين سبق ان اعترضوا على مرسوم التجنيس الذي صدر عام 1994 وأخلّ بالتوازن الديموغرافي والطائفي في لبنان. ومنذ ان تمسك التيار والقوات بتشريع الضرورة لعقد جلسة تشريعية، وتقديمهما قانون الانتخاب واستعادة الجنسية على ما عداهما، دار لغط حول هذا المشروع الذي ناقشه نواب تيار المستقبل مرات كثيرة، ودخلوا في كل تفاصيله وتوقفوا عند فواصله. فيما كان الرئيس نبيه بري يسأل دائما عن سبب اصرار المسيحيين عليه برغم انه يؤمن الجنسية لعدد كبير من المسلمين، ويصر على مروره باللجان ردا على المطالبة المسيحية بتقديمه بندا اولا كشرط لحضور الجلسة التشريعية. اما حزب الله والنائب وليد جنبلاط، فلم يعترضا عليه ولم يتدخلا سلبا ضده.

رحلة سنوات عدة مر بها المشروع، عبر مسودات جرى تداولها قبل ان يصبح حقيقة، وتتبناه القوى المسيحية ويوقعه امس نواب القوات والتيار، علما ان حكومة الرئيس نجيب ميقاتي سبق ان ارسلت الى مجلس النواب مشروعا لاستعادة الجنسية، حوله الرئيس نبيه بري بناءً على تمن من البطريرك الماروني ماربشارة بطرس الراعي الى اللجان المشتركة، مختصرا طريق مروره باكثرمن لجنة.

لكن المشروع الجديد، بحسب كنعان، «نهائي، ونتيجة مشاورات مع كافة القوى والمرجعيات ومع المؤسسة المارونية للانتشار، واللجنة الفرعية، حتى توصلنا الى هذه الصيغة النهائية»، فما هو المشروع بحيثياته واهدافه بعيدا عن البنود القانونية والتفاصيل التي يتضمنها المشروع المقترح؟

يختصر مصدر مطلع على حيثيات المشروع منذ انطلاقته وحتى النسخة النهائية منه، كل النقاشات والتعديلات التي طرحت عليه بالقول: «منذ انشاء دولة لبنان الكبير، عام 1920، اجريت في لبنان ثلاث احصاءات: 1921 و1924 و1932، شملت المقيمين والمهاجرين.

بموجب قانون الجنسية المعمول به حاليا، يعد لبنانيا كل شخص يرد اسمه، هو او احد اصوله، على سجلات احصاء 1932، من المقيمين فحسب.

هدف المشروع المقترح:

اولا، لاثبات الاصل اللبناني يمكن العودة الى سجلات 1921 و1924 مقيمين ومهاجرين، وسجلات عام 1932 مهاجرين. وهذه السجلات محفوظة في المديرية العامة للاحوال الشخصية التابعة لوزارة الداخلية ولدى دوائر النفوس في كافة الاراضي اللبنانية.

والمشروع لا يعطي الجنسية هبة او منحة لاي شخص غير مستحق، وكذلك فإنه لا يشمل اعطاء الجنسية لمن هم مسجلون في سجلات الطوائف الدينية المعترف بها (كما كان وارد في مشروع الحكومة) بل يحصرها بسجلات الاحوال الشخصية القديمة الموجودة في وزارة الداخلية اللبنانية ودوائر النفوس اللبنانية.

ثانيا، يرمي مشروع الاقتراح الى تسهيل المسار الاداري والمعاملات الادارية لكل من يريد ان يستعيد جنسيته، حتى في الهجرة الحديثة. لأن طرق التسجيل المعمول بها حاليا تعود الى الاربعينات، واذا اقر المشروع سيكون ذلك خدمة لكل المهاجرين والمنتشرين في الخارج، وسيحررهم من الروتين الاداري ويضع آلية سريعة لاثبات اصولهم اللبنانية.