IMLebanon

لئلا يعود البغدادي

يقال: إن زخم معركة الفلوجة التي تشنها الحكومة العراقية٬ مصحوبة بميليشيات شيعية٬ وفرق عشائرية سنية٬ وإسناد جوي واستخباري أميركي٬ يضعف لسببين:

الأول٬ شراسة مقاومة «داعش» في الفلوجة٬ والثاني ­ وهو الأهم ­ نكث الطرف العراقي الرسمي بما تعهد به لواشنطن.

حتى لا يكون الأمر ملتبًسا٬ فإن أي جهد ومسعى لمحاربة «داعش»٬ هو مسعى حميد٬ بل هو واجب الدولة العراقية٬ وكل العالم المتحضر٬ فـ«داعش» وأمثاله خطر على الإنسانية كلها. وهذا الكلام من باب «توضيح الواضحات». لكن حملة الفلوجة كما قلنا سابقا معرضة للانتكاس٬ وحصد الحنظل المر٬ إن تركت قيادتها لأمثال هادي العامري وأبي مهدي المهندس وقاسم سليماني٬ وغيرهم من محاربي الراديكالية الشيعية٬ بنكهتها الخمينية.

هذا لم يحدث٬ وهناك نقمة غربية «خفيفة» على عدم التزام رئيس الوزراء حيدر العبادي٬ وهو أيًضا القائد الأعلى للقوات المسلحة٬ بمنع الميليشيات الشيعية (الحشد الشعبي) من دخول مدينة الفلوجة٬ والاشتباك مع سكان المدينة المنكوبة. وترك هذه المهمة لقوات الجيش والفرق المتخصصة٬ والحشد العشائري السني.

قيل من قبل٬ ويقال الآن٬ إن أي استسلام للدوافع الانتقامية الغرائزية٬ سيعزز من شرعية «داعش»٬ وغير «داعش»٬ لدى المعرضين لانتقام جنود الحشد الشعبي الجهلاء.

هذا بالضبط ما حصل٬ فقد أصدر «داعش» قبل أيام مقطع فيديو به لقطات تتضمن قيام أحد عناصر «الحشد الشعبي» بضرب نازحين من الفلوجة٬ على اعتبار أن قتلة داعش» هم الحماة.

هذا أهون الأمور٬ فمنظمة (هيومن رايتس ووتش) دعت الحكومة العراقية للتحقيق في التقارير التي تؤكد وقوع انتهاكات من قبل قواتها ضد المدنيين خلال عملية استعادة السيطرة على مدينة الفلوجة المعقل الرئيسي لتنظيم داعش غرب بغداد. وقال جو ستروك نائب مدير المنظمة في الشرق الأوسط: «على الحكومة العراقية السيطرة ومحاسبة قواتها إذا كانت تأمل أن تدعي أن الجانب الأخلاقي هو الأسمى في محاربتها ضد تنظيم داعش». تقارير المنظمة تحدثت عن مدنيين تعرضوا للطعن حتى الموت وآخرين سحلوا بعد ربطهم بالسيارات في منطقة الصقلاوية شمال غربي الفلوجة.

«داعش» المتحصن داخل المدينة المنكوبة٬ يكرس هذا الخوف لدى السكان٬ ويقول لهم إن الحشد الشعبي وشرطة بغداد ستقتلكم كلكم٬ وتستبيح حرماتكم. حتى يكون الخيار لدى الناس صفرًيا٬ فإما الموت كريًما أو السحل ذليلاً. هذا امتحان حساس لحيدر العبادي٬ بعيًدا عن الكلام الإنشائي٬ فهل يكون ­ وهذا ما نتمناه ­ فوق مشاعر سليماني والعامري٬ حتى ينجح في القضاء على إبراهيم عواد٬ خليفة «داعش»٬ والأهم٬ يقضي على فكره وبيئته٬ بالسياسة الوطنية٬ وليس بالصرخات الحشدية؟ حتى لا يعود البغدادي بصورة أخرى.