IMLebanon

دعوهم عندكم فلا يغرقون!

فجأة استيقظ الأوروبيون على مشكلة اللاجئين الذين يتدفقون الى القارة العجوز التي تغصّ الآن باستيعاب ١٢٠ الف لاجئ سوري، ولهذا استدركت دولها الأمر وبدأت باتخاذ إجراءات على الحدود للحد من دخول الذين يركبون قوارب الموت أملاً في الإنتقال الى الضفة الشمالية حيث للانسانية مفهوم مختلف وللحياة أفق مختلف.

على هذا لا بد من ان يكون لبنان ظاهرة مجنونة لأنه يستوعب ما يقرب من مليوني لاجيء سوري في حين تنوء دول كبيرة وغنية بأقل من ربع هذا العدد وتنظّم كوتا لتوزّع اللاجئين، وعلى هذا اختار ديفيد كاميرون لبنان مدخلاً لرحلته الاستطلاعية لمشكلة اللجوء، لكن هناك بالتأكيد ما هو أهم من الاستطلاع والذهاب الى مرج الزهور والجلوس على الأرض ومحادثة عائلات لاجئة في سهل تربل.

الأهم هو ان لبنان بالنسبة الى الأوروبيين الذي استفاقوا فجأة على هذه المشكلة، أشبه بخزان طافح باللاجئين السوريين الذين فقدوا الأمل في توقف قريب للحرب يتيح لهم عودة قريبة الى مدنهم ولو مدمرة، وخصوصاً الآن بعد انزلاق روسيا أكثر فأكثر الى القتال لدعم الأسد، ولذا يمكن هذا الخزان ان ينفجر دفعة واحدة في وجه الأوروبيين، بعدما شاهدوا كيف ان أقرانهم الذين نجحوا في الإفلات من الموت وعبروا المتوسط أتيحت لهم فرص جديدة لحياة أفضل!

كاميرون طرح نظرية إلتفافية على مشكلة اللجوء المتنامي الى الدول الأوروبية، عندما كرر خلال زيارته الخاطفة لبيروت كلاماً أعاده خلال زيارته للأردن الذي يستضيف ما يقرب من مليون لاجئ، مفاده أن من الأفضل بقاء اللاجئين حيث هم في الدول المحاذية لسوريا، “وان بريطانيا تجد ضرورة في ان تتركز المساعدات المقدمة للاجئين في دول المنطقة للمساهمة في الحفاظ على حياة هؤلاء ومنعهم من الدخول في مغامرة محفوفة بالمخاطر بغية الوصول الى اوروبا”!

هكذا وبوضوح ليبقَ اللاجئون هنا، وعلى الدول الأوروبية ان تحذو حذو بريطانيا فتقدم المزيد من المساعدات الى الدول المضيفة “لأنه من دون المساعدات يمكن مئات الآلاف ان يخاطروا بحياتهم للوصول الى أوروبا، وعليه فإن الأموال التي دفعناها هي جزء من رؤية شاملة لدينا لمعالجة اللجوء في المنطقة”!

الرؤية الشاملة و”المرعبة” حددها كاميرون عندما قال ان نسبة اللاجئين السوريين الذين يسعون للسفر الى اوروبا هي ٣٪ من أصل ١١ مليون لاجئ، أي ما يوازي ٣٣٠ الفاً، وهو عدد الذين كانوا يعبرون الى لبنان في ستة اشهر، لكنها نظرية لا تخلو من الفظاظة لأنها تريد معالجة النتائج الكارثية لمشكلة اللجوء وتتعامى عن السبب الذي يتمثل في إصرار النظام السوري وحلفائه الروس والإيرانيين على الحل العسكري الذي سيضخّ المزيد من اللاجئين!