IMLebanon

لتكن هذه الصفقة !

يطيب لأكثرية المسيحيين اللبنانيين ان يصدقوا امكان فتح صفحة انقلابية حقيقية وجذرية في احدى اكثر الثنائيات المارونية السياسية اثارة للصدامات والعداوات في زمني الحرب والسلم على غرار ما تمثله الثنائية العونية – القواتية. لم تكن هذه الثنائية بنت فرادتها تاريخياً اذ تناوبت على الموارنة والمسيحيين تجارب عدة بأوجه تنافس مختلفة، ولكنها قطعاً الثنائية الاشد التصاقاً بتطورات دراماتيكية رسمت الإطار الراهن لما آل اليه الواقع المسيحي في لبنان. وقد يكون مجافياً للموضوعية حصر كل تداعيات ما أصاب الواقع المسيحي بصراعات هذه الثنائية بما يضمره ذلك من اختزال لقوى ومواقع مسيحية اخرى وكذلك بما ينطوي عليه الأمر من تجاهل لعامل المداخلات الخارجية الذي استهدف ولا يزال في مراحل عدة الحضور المسيحي. ومع ذلك لن يكون ثمة مغالاة في تحذير الفريقين من مغبة تنويم المسيحيين على حرير حوار تأخر عقدين ونيف وكلف ما كلف ومن ثم إيقاظهم على “سكرة على زبيبة”.

نقول ذلك لأننا مع قلة على الارجح، نود الاعتقاد بل التصديق بان الثنائية بلغت اخيراً سن الرشد الكافي والنضج الفائض للذهاب بلا هوادة نحو حوار حقيقي وجدي لا يضع طموحات ميشال عون وسمير جعجع في مقدم أولوياته بل يدلل بما لا يقبل جدلاً ان طرفي الثنائية يدركان اي منقلب سيصيب المسيحيين بعد ان لم يبدل رموزهم قواعد الاشتباك وقواعد اللعبة وقواعد الحفاظ على المكانة الوجودية للمسيحيين في لبنان. لا ترانا في حاجة هنا الى تبشير مؤمن فيما نسمع ما يطيب الأسماع عن النيات الجدية لحوار متسع الأفق. وقد يكون التشكيك المسبق بالحوار أسوأ ما يتعرض له فريقا الثنائية الان ليس لانه ينطوي على تكذيب النيات الحسنة لديهما فقط بل لانه يكشف الواقع الموضوعي للمسيحيين الذين ضاقوا ذرعاً بصراعات هذه الثنائية وحروبها الحارة والباردة وتموجات تحالفاتها وأثمان كل ذلك بالجملة والمفرق على المسيحيين. ولن يقلل وطأة اي مغامرة مناوراتية على فريقي الثنائية التباهي بالبعد التمثيلي الثقيل لفريقيها لان هذا البعد سيثقل عليهما اكثر فاكثر ان لم يؤد التغيير الذي يلوح في افق هذا الحوار الى نتائج تتجاوز حسابات التنافس على الرئاسة نفسها الى مستوى تحديات وجودية ومصيرية بالكامل. وليس ادل على ذلك من تسلل تصاعدي لهمس عن صفقة للثنائية قد تكون في البال سواء صحت ام لم تصح كعامل سينشط المتضررون الكثر من الحوار المسيحي على الضرب على وترها لإحباط المحاولة. ولا نرى ضيراً في القول ان صفقة واحدة ولمرة واحدة قد تستوي في هذا المسار الطالع هي فرض قواعد موضوعية جديدة لمسيحيين متجددين على الجميع عنوانها انتشال المسيحيين من مهالك الملهاة الدراماتيكية قبل فوات الاوان.