في فمي ماءٌ وحصىً كثيرة، كلّنا نوارب أقلامنا ونهرب من قول الحقيقة كما هي، «هارون» يجتاح الوقت اللبناني العصيب، كيف «نروق»؟ يتعرّض الشعب اللبناني لكمّ هائل من ضخّ الأكاذيب والشائعات والتضليل، كأنّ «الهذيان الخرافي» لفيصل عبدالساتر لم يكن كافياً في «السيناريو المريض» الذي حاول أن يوهم به الناس بالحديث عن تورّط الرئيس سعد الحريري بمعرفته بانقلاب ما في السعودية، حتى أكمل علينا بالأمس مقال «خرندعي» خرج علينا من صحيفة الممانعة تفتقت فيه قريحة كاتبه عن «انقلاب» رئيس حزب القوات اللبنانيّة الدكتور سمير جعجع على حليفه سعد الحريري وعلى لبنان، أكاذيب وتضليل وتهويمات لا تركب على قوس قزح، ولا تستحقّ حتى تضييع الوقت بقراءتها!
يعيش اللبنانيّون على أعصابهم بانتظار عودة الرئيس سعد الحريري وعائلته إلى بيروت، بالرّغم من طمأنته للبنانيين بالأمس عبر تغريدة عبر توتير «يا جماعة انا بألف خير وان شاء الله انا راجع هل يومين خلينا نروق»، مع أن لا أحد يقول لنا جملة مفيدة تثلج صدورنا حتى «نروق»، يُذكّرني واقعنا الإعلامي المريض هذه الأيام بإعلام أحمد سعيد وبرنامجه التضليلي الذي أوصل حقبة الرئيس جمال عبدالناصر إلى هزيمة حزيران المدويّة!
قد يمرّ وقت طويل قبل أن يعرف اللبنانيّون حقيقة الأحداث التي عصفت بلبنان خلال الأيام العشرة الماضية، ولكن ثمّة حقيقة واحدة وحيدة وهي أنّ حزب الله أوصل لبنان إلى مأزقٍ خانق، وأنّ هذا الحزب ماضٍ في تنفيذ أجندة إيرانيّة ستتسبّب في محاولات لتدميره، وليحمد اللبنانيّون الله أنّ هناك قراراً دولياً بعدم هزّ الاستقرار فيه، وإلا كنّا لنجد أكثر من «أشرف ريفي» على استعداد لإشعال الحروب المتنقلّة في شوارعنا طمعاً في الوصول إلى السلطة والمناصب والمكاسب، ما أشبه هؤلاء المتنمّرين المستفزين اليوم من أجل مصالحهم، بأولئك الذين كانوا متوثبين عشيّة الحرب الأهلية عام 1975 لذبح لبنان وشعبه تحت عنوان «القضيّة الفلسطينيّة» أو «العروبة»!
يترقّب اللبنانيّون، كم ستطول مدّة «بهاليومين» التي سيعود خلالها رئيس الحكومة سعد الحريري إلى لبنان، وبالرّغم من القلق والمخاوف المتعاظمة، لهذه الأزمة العصيبة حسنة وفضائل إذ يخرج منها اللبنانيّون بإجماع كبير حول سعد الحريري ودوره والتأكيد على كونه صمّام أمان واستقرار لهذا البلد، وأنّ هذا الدور والثقة الكبيرة منحه إياها الشعب اللبناني، وأنّ هذا الشعب متمسّك به ليعبر معه بلبنان أزمات المنطقة العاتية إلى برّ الأمان.
وهذه الأزمة العاتية كشفت الأحجام الضئيلة لنماذج أعطت نفسها أكبر من حجمها بكثير، «نطّ» الرئيس الأسبق نجيب ميقاتي إلى دار الفتوى مدفوعاً من حليفه أشرف ريفي عسى يعود إلى السراي الحكومي، بانياً آمالاً على أوهام سقيمة، على الأقل هذه الأزمة العاتية أتاحت أن يعرف الرئيس الحريري مكانته في قلوب وضمير اللبنانيين، وأنّهم لن يفرّطوا به بسهولة، وسواءً أعجب هذا الكلام البعض أم لم يعجبه، الدور الكبير الذي اضطلع به فخامة رئيس الجمهوريّة شكّل نافذة أمان وثقة للبنانيّين، مع الحراك الديبلوماسي المستمر لإنهاء هذه الأزمة، بعودة الرئيس سعد الحريري وعائلته سالماً إلى وطنه لبنان.