أما وقد انتهت “موازنة صُدِّق” نهاية سعيدة، ولو رافقها حَرَدٌ من هنا وتجاوز لفصل السلطات من هناك، وانهاك لجيب المواطن بدل التصدي للهدر الحقيقي، فدعونا الآن نتحدث بالعاجل والمهم.
لا. ليس موضوع قبرشمون ما يجب ان يشغل بالنا. فأمير خلدة وتوابعها يستطيع في النهاية سكب بعض الماء في نبيذه الفوار ليرضى بأقل من المجلس العدلي، إذ انه لم يصبح بعد لا زعيم الموحدين الأوحد ليهدد ميثاقية الحكومة، ولا “دالوز” لبنان ليفرض على المتفقهين والقانونيين رأيه في نوع المحكمة التي يجب ان تنظر في قضية البساتين.
ما يفترض ان يقض مضاجعنا هو الوضع السائد في الاقليم وقرصنة مضيق هرمز لرفع مستوى التوتير.
فطهران التي تصدِّر 300 ألف برميل يومياً بدلاً من خمسة ملايين، وتستفيق تارة على بنك متعثر، وطوراً على شركة تفشل في شراء قطع غيار ولو عبر أكثر من وسيط، وتعاني في التبادل والتحويل. طهران هذه تريد فك الحصار الآخذ في قضم قوت الايرانيين وهيبة “الجمهورية الاسلامية” مثلما يفعل فعله في تحويل تهديدات “الحرس الثوري” بالتدمير والابادة والسيطرة على العواصم الى مجرد شعارات فارغة لم تعد تصلح للتسلية وتزجية الوقت فكيف للتصديق الفعلي؟
وإذ يتضح انه ليس أمام ايران سوى سياسة حافة الهاوية، أي التهديد بحرب “عليَّ وعلى اعدائي” التي ألمح اليها الأمين العام لـ “حزب الله”، فإن علينا الأخذ على محمل الجد ان احتمال الحرب قائم، وأن الأحداث تتراكم منذ إلغاء واشنطن الاتفاق النووي وما تلاه من تصعيد وصل حدَّ تلغيم ناقلات في دبي وتبادل اسقاط طائرات مسيّرة، ناهيك عن العقوبات المؤلمة والتصريحات النارية الصادرة عن القيادات الايرانية في مقابل وضع ترامب بنك أهداف ينتظر التوقيت.
هذا التراكم قابل للانفجار عند أي حادث عرضي، وسنكون مواكبين له ليس بالاهتمام والاعلام بل ربما بالصواريخ. فالسيد نصرالله لم يقصِّر يوماً في افهامنا اننا دولة وحكومة وشعباً، شئنا أم أبينا، في خندق واحد مع قاسم سليماني وعبدالملك الحوثي و”الحشد العراقي” وما تبقى من النظام السوري. ذلك ان الهمَّ الفعلي لـ”المقاومة” في لبنان هو الذود عن الخط الممانع قبل تأمين “الخط الأزرق” من أي عدوان اسرائيلي.
فلنقلق اذن من خطر ان نجد أنفسنا غارقين في حرب، هي هذه المرة فعلاً: “حرب الآخرين”.