يمضي بعض المسؤولين في “التعاطي غير المسؤول” ومعضلة اللجوء السوري الهائل في لبنان، بعدده وانتشاره العشوائي في المحافظات، وعدم ضبطه في أماكن معينة، وفوق ذلك تفرّد المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة في إدارته من دون التنسيق المطلوب مع الحكومة.
يكتفي هؤلاء المسؤولون ومن بينهم وزراء وكتل نيابية وأحزاب سياسية ممثّلة في الحكومة بتوجيه التهم إلى زملاء لهم من فريق سياسي خصم، لا تخدم التوصل إلى حل لقضية اللجوء التي تنهك البلاد في ميادين عدة، في حين تبدو الولايات المتحدة الأميركية وروسيا جادتين في التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، بدليل التواصل الكثيف بين وزيري خارجية الدولتين الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف لتذليل كل ما يعترض انطلاقة مفاوضات جنيف – 3 في موعدها المحدد 11 نيسان الجاري.
وما يدعو الى الاستغراب غياب التوجه إلى توحيد الموقف الحكومي والنيابي والشعبي لمواجهة أي حل لا يصب في مصلحة البلاد، ويرمي إلى إبقاء مئات آلاف اللاجئين السوريين في لبنان بصيغ متنوعة ومخطط ترغيبي جديد، كالذي طرح الشهر الماضي في لندن، ويُختصر بمنح مساعدات للبنان من أجل تأسيس شركات ومصانع يعمل فيها اللاجئون السوريون في لبنان، مع حصولهم على إجازات عمل وإقامات موقتة. وذكر قيادي بارز أن على لبنان رفض هذه المشاريع، لأن اللاجئ الذي يعمل في ظلها لن يترك هذه البلاد بسهولة إذا تأمنت له مبالغ مالية حتى في الحد الأدنى لتأمين معيشته مع عائلته.
ولم يتنبَّه فريق المكتفين بالتهجم على زملائهم لما يحاك في المطابخ العالمية حول توطين اللاجئين السوريين في دول ثالثة، على غرار مؤتمر عقد الأسبوع الماضي في مقر الأمم المتحدة في جنيف بدعوة من المفوضية العليا للاجئين، وكان يرمي الى توطين نصف مليون لاجئ سوري في دول ثالثة، علماً أن الموفد الخاص للامم المتحدة الى سوريا ستيفان دو ميستورا يصرّ على استعمال عبارة “العودة الطوعية” للاجىء الى سوريا، وقد تم تصحيحها في مؤتمر فيينا (29-10-2015) من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، وتزامن انعقاده مع الهجوم “الداعشي” الواسع الذي تعرضت له باريس. واضطر وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الى توجيه رسائل الى دو ميستورا والى 20 من نظرائه شاركوا في أعمال المؤتمر، مجددا التأكيد على عبارة “العودة الآمنة” وليس “الطوعية” وأقرّ مؤتمر فيينا “التعبير الذي طلبه.
وسألت مصادر قيادية هل يتقصّد الموفد الأممي استعمال عبارة “العودة الطوعية” أو يخطئ في استعمالها للمرة الثانية في جولته الجديدة التي بدأها في موسكو، وتشمل دمشق والرياض وطهران وباريس في محاولة لإنجاح المفاوضات؟