الكلام الكثير الذي يُسمع في الخارج عن اقتراب موعد توقيع الاتفاق بين إيران والولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية الأربعة زائد واحد في شأن ملف إيران النووي بدأ يتردد صداه على الساحة اللبنانية الداخلية بما يتناغم مع هذا الاتفاق ويعجل في فك أسر الاستحقاق الرئاسي العالق على مصير هذه المفاوضات التي قيل عنها بأن نجاحها سيرسم الخريطة الجديدة لمنطقة الشرق الأوسط وصولاً إلى لبنان الذي يعاني إخفاقات كثيرة أهمها الإخفاق في إجراء الانتخابات الرئاسية.
وأول الغيث كانت الزيارة المدبرة للسفير الأميركي ديفيد هيل إلى وزير الداخلية نهاد المشنوق بالتزامن مع الكلام التفاؤلي لرئيس مجلس النواب نبيه بري عن العلاقة الوثيقة بين المفاوضات الأميركية – الإيرانية في شأن الملف النووي الإيراني والوضع الداخلي اللبناني ولا سيما في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي حيث يصح معه القول بأن توقيع الاتفاق النووي بين الدولتين يسهل على الفرقاء اللبنانيين التوصل إلى حل في شأن الانتخابات الرئاسية.
فالسفير هيل الذي أبعد نفسه في الشهرين الماضيين عن الأضواء أطل من وزارة الداخلية ليؤكد وقوف بلاده إلى جانب لبنان الذي يواجه تحديات وتهديدات كبيرة وليغمز في الوقت نفسه من قناة حزب الله لجهة ضرب الاستقرار الأمني وخرق قرار النأي بالنفس الذي التزمت به الحكومة التي يشارك فيها الحزب بفعالية، وكأنه بذلك يوجه رسالة الى حزب الله بأن وقت التلاعب بالاستقرار اللبناني ينتهي عندما يتم التوقيع على الاتفاق النووي بين إيران وحكومته بحيث تصبح إيران بوصفها حليفة للحزب ومدبرة لشؤونه ملزمة بالتعاون مع المجتمع الدولي لفك ارتباط لبنان بأزمة الإقليم البالغة التعقيد بدءاً بالإفراج عن الاستحقاق الرئاسي الذي يستخدمه الحزب كورقة إضافية من أوراق المنطقة التي تمتلكها إيران وتستخدمها كأوراق ضغط على الولايات المتحدة الأميركية من أجل حملها على التنازل عن عدد من الشروط المتعلقة بالاتفاق النووي والتي تعتبرها إيران عبئاً ثقيلاً عليها كمثل قضية العقوبات التي ما زال المفاوض الأميركي يتمسك بها.
يقول السفير هيل موجهاً كلامه إلى اللبنانيين أنتم لستم وحدكم ويمكنكم الاعتماد على الولايات المتحدة الأميركية المستمر وغيرها من البلدان، ويقول في الوقت نفسه أن ضرب الاستقرار في لبنان سببه حزب الله لخرقه قرار النأي بالنفس وهذا معناه أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن لبنان في مقاومته لسياسة تدخل الحزب في الحرب إلى جانب النظام السوري، ولن يكون هذا الموضوع بمنأى عن الاتفاق النووي الذي من المقدّر له أن يبصر النور قبل نهاية هذا الشهر وإلا قبل نهاية شهر حزيران المقبل كموعد نهائي للمفاوضات بين الجانبين بحيث يصبح تصنيف لبنان في مقدمة الأولويات الأميركية في الإقليم وفي حسابات الربح والخسارة بينها وبين إيران.