IMLebanon

القوات والاشتراكي سيواجهان اقصاءهما بمعارضة بالحكومة والمجلس.

 

تردّد في الأيّام القليلة الماضية أنّ موضوع التجديد لأعضاء المجلس الدُستوري وُضع على نار حامية، بعكس باقي ملفّات التعيينات، حيث لا توافق حتى الساعة على تعيين أعضاء الهيئات الناظمة للكهرباء والطيران المدني والإتصالات ونوّاب حاكم مصرف لبنان، وغير ذلك. فما هي المعلومات في هذا الشأن، وهل تمّ التوافق على هويّة الأعضاء الجُدد أم أن الخلافات ستقع لا محالة؟

بداية، لا بُد من الإشارة إلى أنّ صلاحيّات المجلس الدُستوري الذي كان قد أنشئ بموجب القانون رقم 250 تاريخ 14 تمّوز 1993، ليست مزحة. وبحسب مصدر قضائي إنّ هذا المجلس قادر على البت بالطعون الإنتخابية، وهو قادر أيضًا على البتّ بدُستوريّة القوانين وسائر النُصوص التي لها قُوّة القانون، وذلك بمُجرّد تسجيل أي مُراجعة في هذا الشأن في قلم المجلس، من قبل الجهات التي يحقّ لها بالمراجعة، بشرط عدم تجاوز المُهلة القانونيّة الموضوعة لهذا الغرض. وأوضح المصدر أنّ القانون منح كلاً من الرؤساء الثلاثة هذا الحقّ، مع إمكان تقدّم ما لا يقلّ عن 10 نوّاب بمراجعة أيضًا، وكذلك الأمر بالنسبة إلى رؤساء الطوائف المُعترف بها قانونًا، لكن على أن يكون الموضوع في هذه الحال مُرتبطًا حصرًا بالأحوال الشخصيّة وحريّة المُعتقد ومُمارسة الشعائر الدينيّة وحريّة التعليم الديني. وتابع المصدر القضائي أنّ قانون إنشاء المجلس الدُستوري نصّ على أنّ مجلس النوّاب يُعيّن نصف الأعضاء بالغالبيّة المُطلقة، في حين يُعيّن مجلس الوزراء النصف الآخر بأكثريّة ثلثيّ عدد أعضاء الحكومة، طبعًا في حال غياب التوافق.

من جهة ثانية، وبحسب أوساط سياسيّة مُطلعة إنّ باكورة الخلافات على سلسلة التعيينات المُرتقبة خلال المرحلة المُقبلة ستكون على صعيد التشكيلة الجديدة المُنتظرة للمجلس الدُستوري، خاصة وأنّ أكثر من طرف سياسي يريد تغيير المجلس الدُستوري الحالي، إمّا نتيجة خلافات مُتراكمة مع بعض أعضائه، وإمّا لتعيين أعضاء جُدد من بين المَحسوبين عليه. ولفتت إلى أنّ معركة السيطرة على أعلى هيئة قضائية في لبنان تُغري مُختلف القوى السياسيّة، بغضّ النظر عن كل ما يُقال عن الفصل بين السُلطات وعن إستقلاليّة القضاء. ورأت هذه الأوساط أنّه من المُحتمل أن يقوم رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري بتحويل الجلسة التشريعيّة يوم الأربعاء، إلى إنتخابيّة، بعد إنتهاء الهيئة العامة من درس وإقرار جدول الأعمال وإقفال المحضر، بحيث يُصبح من المُمكن عندها إنتخاب خمسة أعضاء للمجلس الدُستوري على أن يقوم مجلس الوزراء في الجلسة التي ستلي هذه الخُطوة، بتعيين الأعضاء الخمسة الآخرين، لتكتمل عندها هيئة المجلس الدُستوري التي تتكون من 10 أعضاء.

ولفتت الأوساط السياسيّة إلى أنّ عدد المرشّحين لعضويّة المجلس كان قد بلغ نحو 60 مُرشّحًا خلال الأيّام القليلة الماضية، لكنّ الإتصالات الجانبيّة والمُشاورات السياسيّة، رفعت أسهم جزء من هذه الأسماء على سواه، ومنها على سبيل المثال لا الحصر السادة طنوس مشلب، أنطوان بريدي، مروان كركبي، عبد الله الشامي، إلخ. وأضافت أنّه على الرغم من نفي «التيّار الوطني الحُرّ» أن يكون بنيّته إقصاء أي طرف سياسي عن التعيينات بالمُطلق، فإنّ حزب «القوّات اللبنانيّة» هو في المُقابل من بين أكثر من جهة سياسيّة تخشى أن يسعى «التيّار» إلى الإستحواذ على أوسع حصّة في التعيينات، تارة تحت شعار إستعادة ما فقده المسيحيّون وتارة أخرى تحت شعار ترجمة التمثيل السياسي والشعبي لكل فريق سياسي، مع ترك قُسم صغير جدًا لباقي القوى من باب رفع العتب.

وبحسب الأوساط السياسيّة المُطلعة نفسها فإنّ حزبي «القوات» و«التقدمي الإشتراكي» هما من بين أبرز القوى المُمثّلة في السُلطة التنفيذيّة التي تخشى أن يتمّ الإحتكام إلى التصويت بالثلثين على طاولة مجلس الوزراء لتمرير إتفاقات ثُنائية جرت خارج جلسات الحكومة في ما خصّ ملفّ التعيينات. وأضافت أنّ حصّة «الثنائي الشيعي» مضمونة، و»حزب الله» قادر على حماية حصّة لا بأس بها لصالح «تيّار المردة»، مما سيُبقي حصّة كل من حزبي «القوات» و»الإشتراكي» على المحكّ، خاصة وأنّ الوُعود التي كان كلّ من الحزبين قد نالاها عشيّة توزيع حُصص التشكيلة الحُكوميّة ذهبت مع الريح، بحيث خسر «الإشتراكي» الوزير الدُرزي الثالث، وخسرت «القوّات» الوزير الخامس والحقيبة السياديّة وحتى الحقيبة الخدماتيّة الأساسيّة، ولا شيء يمنع تكرار «السيناريو» نفسه مع ملفّ التعيينات بحجّة حماية الإستقرار وتنشيط عمل مؤسّسات الدولة الرسميّة بالسرعة اللازمة.

ولفتت الأوساط السياسيّة إلى أنّه من هذا المُنطلق ستسعى «القوّات» إلى المُطالبة بتطبيق قاعدة واضحة للتعيينات بعيدًا عن المُحاصصة السياسيّة، تجنّبًا للأسوأ، وهي لا تُمانع شأنها شأن «الإشتراكي» إعتماد الآليّة التي كان قد إعتمدها الوزير محمد فنيش عندما كان وزير دولة لشؤون التنمية الإداريّة. وفي حال الإصرار على المُحاصصة من جانب الأفرقاء المعنيّين فهي سُتطالب، شأنها شأن الحزب «الإشتراكي»، بحصّة موازية لحجمها التمثيلي في الحُكومة وفي مجلس النواب. وأضافت الأوساط أنّه في حال لاحظت «القوّات» إصرارًا على إبعادها عن التعيينات، ستنتقل «القوات» من المعارضة الخفيفة إلى المعارضة القويّة، وستُحوّل تحفّاظتها على المُوازنة إلى معركة كاملة داخل مجلس النواب عبر 15 نائبًا، يُضاف إليهم العديد من النوّاب الآخرين المُعترضين، علمًا أنّ «الحزب التقدمي الإشتراكي» سيقوم بالأمر نفسها في حال الإصرار على تحجيمه، وعلى منح خُصومه حجمًا في التعيينات يفوق بكثير حجمهم الفعلي الذي ظهر في الإنتخابات النيابيّة.

ورأت الأوساط السياسيّة أنّ القرار الحاسم في ملفّ التعيينات سيكون على عاتق رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه برّي القادر على إمالة الدفّة لهذا الطرف أو ذاك، في حال قدّم رئيس الحكومة سعد الحريري لرئيس «التيّار الوطني الحُرّ» الوزير جبران باسيل تنازلات في ملفّ التعيينات مُشابهة لتلك التي قدّمها عند تشكيل الحُكومة. وسألت الأوساط: «هل يُكرّر الرئيس الحريري «السيناريو» نفسه إنقاذًا للتسوية، أم يكون حازمًا هذه المرّة في رفض إضعاف «القوات» و«الإشتراكي» على الرغم من العلاقة غير الجيّدة حاليًا مع هذا الأخير؟ و«هل يتخلّى الرئيس بري عن جنبلاط إنطلاقًا من الدعم الذي يحظى به كل من الحزبين «الديموقراطي اللبناني» و«التوحيد العربي» من «حزب الله» و«التيّار الوطني الحُرّ» للتمثّل ضُمن الحصّة الدُرزيّة؟ وهل يترك الرئيس برّي «القوات» لمصيرها، وهي التي سارعت إلى إسقاط مُبادرته الإنتخابيّة بسهم قاتل على لسان رئيس حزب «القوات» الدُكتور سمير جعجع الذي وصف قانون الإنتخاب وفق لبنان دائرة إنتخابية واحدة بأنّه وُلد ميتًا؟