IMLebanon

“القوّات” تَستدعي “محازبيها”: “معركة حامية” على جبهاتها الإنتخابية  

 

 

اعتادت «القوّات اللبنانية» خلال مسيرتها خوض المعارك ومواجهة التحدّيات على أنواعها، غير أنّها اليوم أمام استحقاق داخلي ينتظره «الرفاقُ» (المنتسبون) أولاً، والمناصرون ثانياً، والخصوم ثالثاً، نظراً لقطبيتها السياسية في الواقع اللبناني ولاسيما المسيحيّ. تتميّز «القوّات» بتنظيمها ودقّتها، متفوّقة بذلك على غيرها من الأحزاب. ماكيناتها الإنتخابية وكوادرها البشريّة أشبه بخلايا نحلٍ لا تستكين. تخوض للمرّة الأولى غمار اللعبة الديموقراطية في تشكيل قيادة هرمها الحزبيّ. وإذا كانت التزكية حسمت موقعي رئاسة الحزب ونيابته لصالح رئيسها سمير جعجع والنائب جورج عدوان، تحطّ المعركة رحالها في الهيئة التنفيذية لانتخاب 11 عضواً.

 

 

 

مهمات الهيئة التنفيذيّة

 

تتولّى الهيئة الإشراف على إدارة الحزب ورسم السياسات الآيلة إلى تحقيق التوجّهات والمقرّرات والتوصيات للمؤتمر العام، وتسمية مرشّحي الحزب للوظائف العامة وعضوية مجلس النواب، ومتابعة الانتخابات البلدية والإختياريّة وكل المجالس المنتخبة – على أن يعود لرئيس الحزب اتخاذ القرارات المناسبة عند الحاجة – والإشراف على ممتلكات الحزب والإطلاع على التقارير المالية. يعود لثلثَي الأعضاء الطلب من رئيس الحزب عقد مؤتمر استثنائي يكون على جدول أعماله موضوع محدّد.

 

يحقّ للرئيس دعوة أي شخص حزبي أو غير حزبي لحضور الإجتماعات من دون حق التصويت. وتتخذ القرارات بالأكثرية المطلقة، وإذا تعادلت الأصوات يكون صوت الرئيس مرجحاً. ولا يجوز الجمع بين عضوية الهيئة وأي من المسؤوليات الحزبية أو الرسمية، إلا بقرار من رئيس الحزب. أمّا مدّة الولاية فهي 6 سنوات تنتهي حكماً بانتهاء ولاية الرئيس. وتجدر الإشارة (حسب النظام الدّاخلي)، إلى أنّ نوّاب الحزب لن يكونوا أعضاءً في الهيئة التنفيذيّة بعد الإنتخابات الدّاخلية.

 

لبنان دائرة قوّاتية واحدة

 

اعتمد الحزب لبنان والإنتشار دائرة قوّاتية واحدة. من الشمال إلى الجنوب والبقاع وبيروت، وصولاً إلى الأميركتين وأوروبا وأستراليا وأفريقيا. حوالى 40 ألف منتسب سيشاركون في استكمال تشكيل قيادتهم المولجة صناعة القرار السياسي والحزبيّ، بانتخاب 11 عضواً من أصل 27 مرشّحاً، يتوزّعون على الدوائر الآتية: منطقة جبل لبنان تضمّ 3 مقاعد، يتنافس عليها 9 مرشّحين. الشّمال 3 مقاعد و6 مرشّحين، الجنوب مقعد واحد و4 مرشحين، البقاع مقعدان و3 مرشّحين. بيروت مقعد واحد يتنافس عليه مرشّحان. الإنتشار مقعد واحد و3 مرشّحين.

 

يضم الإطار القوّاتي «تلوينة» متعدّدة من المحازبين، يُمكن قسمتها إلى ثلاث فئات: رعيل «المقاومة العسكرية»، جيل «النّضال الطلّابي» والفئة الشبابية الجديدة. تجمعها القضية والتاريخ والمبادئ السياسيّة العامّة من جهة، وتتمايز في رؤيتها تحديات العصر ومفاهيمه وكيفية تطوير المؤسّسة الحزبية، من جهة أخرى. تُعدّ القوّات من «الأحزاب الجماهيرية» حيث يُشكّل أبناء القرى والأرياف وأحياء المدن الشعبية من العمّال والكادحين عصب قاعدتها، و»نخبوية» عبر جذب الكوادر والمثقّفين وطلّاب الجامعات ورجال الأعمال والنقابات. هذا «التنوّع الغنيّ» في تعدّد المشارب والذهنيات وتراكم التجارب الشخصيّة والجماعيّة في أزمنة الحرب والسّلم، سينعكس حُكماً وإيجاباً «حماوةً» على العمليّة الإنتخابيّة في معظم الدوائر.

 

 

 

معركة حامية

 

حماسة القوّاتيين واضحة. يتبادلون في ما بينهم وعبر مجموعات التّواصل الإجتماعي الخاصّة بهم ولقاءاتهم المباشرة، أسماء المرشّحين وسيرهم الذاتية وتاريخهم النّضالي. صحيح أنّ «لعبة الأجيال» حاضرة داخل كل جماعة سياسية، وتُعدّ معياراً صحيّاً ورياديّاً، لكن هذا لا يعني اصطفافها بشكل مطلق أو مُغلق. في دائرة بيروت مثلاً يتنافس على مقعدها رياض عاقل الذي انضوى في صفوف «المقاومة اللبنانية» منذ العام 1976، ودانيال سبيرو أحد أبرز قادة الطلّاب في مواجهة الإحتلال السوري. للمرشّحين قدرة على استقطاب الناخبين من مختلف الفئات العمرية.

 

في جبل لبنان، تبدو المعركة مفتوحة، إذ يدور التنافس بين 9 مرشّحين أّدّوا أدواراً قيادية ونقابية مهمّة ومتفاوتة في القوّات، وهم: النائب السابق آدي أبي الّلمع، الوزير السابق طوني كرم، فادي ظريفة، مايا زغريني، رشيد خليل، جورج عون، عادل الهبر، شارلي القصيفي وميشال أبو جبرايل.

 

أمّا في الشمال التي تُعد أحد أهم المعاقل القوّاتية، فيتسابق على مقاعدها الثلاثة «مجموعة نارية» حسب «التعبير الرياضي» للمنافسات، كونها تضمّ النواب السابقين إيلي كيروز وانطوان زهرا ووهبي قاطيشه، إضافة إلى إيفون الهاشم ويوسف حتّي وفادي بولس الذي أعلن في ترشّحه «ضرورة تبنّي الحزب نظام حكم فيدراليّ»، ما يعكس تنوّعاً فكريّاً داخل «القوّات».

 

جنوباً، تضمّ اللائحة 4 مرشّحين لمقعد واحد، وهمّ: أسعد سعيد الذي رافق نشأة «القوّات» منذ بدايتها مع مؤسّسها بشير الجميّل. الياس أبي طايع القيادي المعروف، بسّام الناشف وفادي أبو عتمة. في البقاع، برز اسم رئيس بلدية القاع بشير مطر وجاك غصن وميشال التنّوري. ختاماً، دائرة الإنتشار، حيث للقوات الوجود الأكبر مقارنة بالأحزاب والتيارات السياسية الأخرى. يتنافس على مقعدها: جوزيف الجبيلي الذي تولى مسؤوليات كبيرة في الانتشار وأرسى علاقات عمل وثيقة مع الادارة والكونغرس في واشنطن ومع الأمم المتحدة في نيويورك، وأنطوان البارد وبيار الحاج.

 

هذا التنافس بين وجوه معروفة لدى القاعدة الإنتخابية أكثر من غيرها، «لا يُفسد في الودّ قضية». في هذا السياق، أشار الأمين العام لحزب «القوّات اللبنانية» إميل مكرزل، إلى أنّ «القواتيين ضنينون بإيصال الأعضاء المناسبين بنظرهم لتولّي الهيئة التنفيذيّة. فالكفاءة والريادة ومصلحة الحزب ونضاله في سبيل كلّ لبنان، تعدّ المعايير الصلبة التي ينطلق منها المحازبون في اختيار ممثّليهم».

 

وأردف «إن زمن التّواصل الإجتماعي، أتاح لكّل مرشّح أن ينشر برنامجه ورؤيته وفكره لحض المقترعين على انتخابه». ويرى أن تاريخ 29 تشرين الأوّل هو فرصة حقيقية لـ»القوات» لتعزيز مسارها الديموقراطي، خصوصاً أنّ القاعدة الشعبية تختار قيادتها مباشرة، وليس عبر مندوبين من خلال التصويت الإلكتروني أو من خلال مراكز «الميغاسنتر» سيتم تحديدها وتوزيعها لاحقاً». وأوضح أنّ «الحزب يعتمد أعلى معايير الشفافية والقانونية في سير العملية الإنتخابية، بدءاً بقبول الترشيحات والبتّ بها، وصولاً إلى اليوم الإنتخابي الموعود».

 

في الخلاصة، تُشكّل الأحزاب مدماك الحياة السياسية، بل هي تقود المجتمع السياسي. حيث ينعكس تطوّرها الداخلي وتجديد هرمها وقيادتها وتعزيز ثقافتها الديموقراطية على الواقع السّياسي العامّ. لدى «القوّات» مسؤوليات كبيرة، إذ يقع على عاتقها ثقل التاريخ وهواجس الحاضر وأحلام المستقبل لشعبها واللبنانيين كافّة. لا تختلف الإنتخابات الحزبية في أهمّيتها عن النيابية. فكلّ صوت هو قرار يحدّد مصائر وخيارات المجموعة السياسية الذاتيّة والعامّة.