في مرحلة مفتوحة على كلّ احتمالات تغيير النظام، كانت لافتة دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري اللجان النيابية الى جلسة مشتركة غداً الأربعاء، لدرس إقتراحات قوانين متعلّقة بالانتخابات النيابية. تكتل «الجمهورية القوية» سيُشارك بكلّ ثقله في هذه الجلسة، لمواجهة هذا البحث في هذه المرحلة، وسيكون لنوابه موقف واضح وعالي النبرة. أمّا تكتل «لبنان القوي»، وعلى رغم انفتاحه على الحوار، إلّا أنّ الغاء الطائفية السياسية فقط من هذا النظام، مسألة لن يسمح بإمرارها. وسيخوض حزب «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر» هذه المعركة معاً «على الأرض» في وجه «المنطق العددي».
يعقد قبل ظهر غد جلسة مشتركة للجان: المال والموازنة، الادارة والعدل، الدفاع الوطني والداخلية والبلديات، بدعوة من بري، لدرس إقتراحات القوانين الآتية:
– إقتراح قانون انتخاب قدّمه النائبان أنور الخليل وابراهيم عازار.
– إقتراح قانون انتخاب قدّمه النواب نجيب ميقاتي ونقولا نحاس وعلي درويش.
– إقتراح قانون لإنتخاب مجلس الشيوخ قدّمه النائبان أنور الخليل وابراهيم عازار.
وفي حين أنّ موقف بري واضح من قانون الانتخاب، وسبق أن قدّمت كتلة «التنمية والتحرير» إقتراح قانون في هذا الإطار بناءً على توجيهاته، ويقضي بإعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة وفق النظام النسبي، فإنّ هذا الإقتراح مرفوض لدى المسيحيين، لجهة أنّه يكرّس الغلبة العددية على حساب التمثيل الحقيقي للمكونات اللبنانية.
الى ذلك، يتمسّك كلّ من «القوات» و»التيار» بقانون الانتخاب الحالي، الذي جرت على أساسه الانتخابات النيابية عام 2018، والذي يعتمد النظام النسبي ويقسّم لبنان 15 دائرة انتخابية مع الصوت التفضيلي على أساس القضاء.
من جهة «القوات»، هي تعتبر أنّ الأولويات الآن في مكانٍ آخر. كذلك ترى أنّ فتح باب البحث في قانون انتخاب يهدف الى إغلاق الباب أمام إجراء انتخابات نيابية مبكّرة، ويمنع اللبنانيين من التعبير عن إرادتهم، بعد تغيّر المزاج الشعبي منذ 17 تشرين الأول 2019، فضلاً عن هدف البعض تكريس «الديموقراطية العددية» مكسباً بديلاً من تغيير النظام.
ويسأل عضو «الجمهورية القوية» النائب وهبه قاطيشا عبر «الجمهورية»: «أي قانون انتخاب جديد يريدونه، هل «البوسطات»؟، نافياً اعتبار البعض أنّ القانون الحالي يقصي بعض القوى، مؤكّداً أنّ «هذا القانون الوحيد الذي يسمح بتمثيل كلّ المكونات»، مشيراً على سبيل المثال الى نجاح نواب في بعلبك – الهرمل وعكار في انتخابات 2018 من «خارج البوسطة»، وتمثّل 5 أفرقاء سياسيين مختلفين في المتن.
أمّا غداً، فسيشارك جميع نواب تكتل «الجمهورية القوية» في الجلسة المشتركة وليس فقط النواب الاعضاء في اللجان. ويقول قاطيشا: «سنحضر وسنواجه ونُسمع صوتنا، ومستعدون لخوض معركة منع إقرار القانون، الذي لا يحفظ التمثيل الحقيقي». ويضيف: «البلد مريض بالسرطان ويختنق ويُحتضر، وهم يريدون إجراء عملية تجميل له». وإذ يذكّر بأنّ قانون الانتخاب تطلّب سنوات عدة لتغييره وللوصول الى القانون الحالي، يعتبر أنّ «الدعوة الى جلسة لدرس إقتراحات قوانين انتخاب، الهدف منها قطع الطريق أمام الانتخابات النيابية المبكّرة، لأنّ هذه الانتخابات ستخسرهم الغالبية». ويؤكّد أنّ «القوات ضدّ البحث في قانون انتخاب، والموقف سيكون واضحاً داخل الجلسة وخارجها غداً في مجلس النواب». وإذا لاقى «التيار» «القوات» في موقفها هذا، «سنكون معاً على الأرض»، حسب قاطيشا.
موقف «التيار» لا يزال ثابتاً في هذا الإطار، وسبق أن أبلغه الى وفد «التنمية والتحرير»، الذي كان يجول على الكتل لشرح قانون الانتخاب الذي قدّمه الى المجلس. ويقول النائب جورج عطالله، المسؤول عن ملفات الادارة والعدل في تكتل «لبنان القوي»: «إذا كان الهدف الذهاب الى الدولة المدنية، فلا يُمكن ذلك في ظل التوازنات اللبنانية على قاعدة الغاء الطائفية السياسية فقط من دون الغاء الطائفية الكاملة. وبالتالي، إذا كان يريد البعض الذهاب الى قانون انتخاب يستفيد منه سياسياً مع إبقاء بقية الأمور على حالها، فهذا الأمر ليس وارداً بالنسبة الينا. في المقابل نحن منفتحون على أي طرح يؤدي بنا جميعاً الى التفاهم على مفهوم الدولة المدنية وشكلها وصيغتها بنحو كامل. لذلك سنشارك في الجلسة بإنفتاح، ونحن قابلون للتحاور والمناقشة حول أي فكرة إذا كانت للتطوير والتقدّم، أما إذا كان الهدف أنّ بعض الأطراف لا يلائمه القانون النسبي، أو أنّ آخرين يريدون تغيير أكثرية معينة، لن نسير بذلك ولا نساير». ويؤكّد أنّ «درس قانون الانتخاب إذا كان يأتي ضمن منظومة كاملة لبدء تكوين الدولة المدنية بنحو كامل وحافظ لحقوق اللبنانيين جميعاً بالتساوي، فنحن في هذا الاتجاه، أما إذا كان الهدف الغاء الطائفية السياسية فقط والإبقاء على كلّ ما عداها، فلن نقبل بهذا الأمر وسنواجهه».
وعن التمسّك بالقانون الحالي، يوضح عطالله أنّ «في ظلّ الوضع القائم وأمام مروحة قوانين الانتخاب التي طُّبقت لسنوات، فهذا القانون هو الأعدل، لأنّه أعطى الأطراف التي كانت توضع اليد على مقاعدها، القدرة على إيصال نواب بأصوات فئاتهم وطوائفهم ومذاهبهم، فالنظام طائفي والمقاعد مخصّصة لفئات محددة».
وإذ لم تصل الى نواب التكتل إلّا عناوين جدول الأعمال من دون نسخ عن إقتراحات القوانين المطروحة، نظراً لتأخّر وصول البريد بسبب الدمار اللاحق بمقر مجلس النواب في ساحة النجمة جراء انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الماضي، من المتوقّع أن تصل هذه النسخ اليوم، ليطّلع عليها نواب «لبنان القوي» ويبحثون فيها كما جرت العادة قبل كلّ جلسة، فيخرجون بخلاصة ويتّضح الموقف أكثر، خصوصاً أنّه يُصادف اليوم إجتماع التكتل الأسبوعي. ويستبعد عطالله أن يُشارك جميع نواب التكتل في الجلسة المشتركة غداً، نظراً لأنّ الجلسات المشتركة لا تُعقد في القاعة العامة التي لم تُرمّم بعد، ولضرورات التباعد الاجتماعي كإجراء وقائي من فيروس «كورونا».
وعلى صعيد التنسيق بين «القوات» و»التيار» فستحصل كالعادة اتصالات بين الجهتين، ويقول عطالله: «إذا كان لدينا وجهة النظر نفسها مع «القوات» سنكون على كلمة واحدة».