لم تنته تداعيات قرار رئيس تيار المستقبل سعد الحريري بعد، وبحسب احد المراجع السياسية فإن نتائج قرار الحريري لن تظهر فوراً، وإن كان الحراك الإعتراضي بالشارع قد انتهى إلا أن تعليق العمل بالحياة السياسية سيترك أثراً على التياريين والجمهور على حدّ سواء.
هناك مثل لبناني يقول “بس توقع البقرة بيكتروا سلاخينا”، وفي السياسة اللبنانية هناك من طبّق المثل، مع اختلاف التسميات، فوقوع الحريري فتح الشهية على “الظفر بالورثة”.
نحن على أبواب انتخابات نيابية، وبغض النظر إن كانت ستحصل أم لا إلا أن المنطق يقول بأن هناك فئة كبيرة من اللبنانيين خسرت مظلّتها، وستبحث عن مظّلة أخرى لتتمكن من الإستمرار. لكن ينبغي التفريق هنا بين فئتين من الناس، الفئة الأولى موجودة في مراكز قرار، كبيرة أو صغيرة، وهؤلاء هم ممثلو تيار المستقبل في المجلس النيابي، والحكومات، والنقابات والإدارات والجامعات، والاجهزة الامنية والقضائية والرقابية، وكل هؤلاء وجدوا أنفسهم لوحدهم بعد قرار الحريري الأخير، وفئة ثانية موجودة بالشارع، وهي تمثل الجمهور ورافعة تيار المستقبل في المناطق اللبنانية. والأحزاب اللبنانية تعلم ذلك أيضاً.
بحسب مصادر متابعة فإن الأحزاب تحركت لأجل الظفر بعناصر قوية تمثل الفئتين، وتكشف المصادر أن قيادة القوات اللبنانية على سبيل المثال عممت على مسؤولي المكاتب والمناطق بضرورة التركيز على استقطاب جمهور المستقبل في عدد من المناطق اللبنانية، منها طرابلس، والشوف، طالبة منهم استهداف هذه الفئة بكافة انواع الأسلحة، المادية والإجتماعية والمعنوية حتى.
وتلفت المصادر النظر الى أن حزب القوات الذي يفتخر بوجوده في طرابلس مؤخراً، يسعى لأن يكون للصوت السني وزنه في لوائح القوات في الانتخابات المقبلة، وهو لأجل هذه الغاية سيحاول التوجه الى الجمهور المعادي لحزب الله، أي الجمهور السني المتشدد في طرابلس، لأن القوات اليوم يمثل رأس حربة للسعوديين في لبنان، ورأس حربة في المواجهة ضد حزب الله أيضاً، وهذا ما يُثير قلق شخصيات طرابلسية سنية.
في طرابلس يفكر أبو العبد كبارة بترشيح نجله الى الانتخابات النيابية، على اعتبار أنه يكرر دائما عبارة “أنا لست بتيار المستقبل، إنما حليفه”، وبالتالي لا يناسبه خسارة الصوت السني لصالح القوات، وإلا وجد نفسه مضطراً للتحالف معهم، ومثل كبارة هناك سمير الجسر، الذي تُشير المعطيات الى أنه قرر العزوف عن الترشح قبل قرار الحريري، ولكنه يفكر اليوم أيضاً بترشيح نجله من خارج دائرة التيار.
الخاسر الأكبر طرابلسيا من قرار الحريري هو نائبه مصطفى علوش، فالرجل وبحسب المحيطين فيه لا يزال غير مقتنع بقرار رئيس التيار، وهو من الذين يفضلون المواجهة على الانسحاب وترك البلد لحزب الله، لكنهم يجزمون بنفس الوقت أن علوش لم يقرر بعد مساره للمرحلة المقبلة، معتبرين أنه لا يزال يعول على تغيير في قرار الحريري، وإن لم يتضمن عودته شخصياً.
أما آل فتفت، فتشير المصادر الى أنهم أصبحوا في مكان مختلف اليوم عن المكان الذي كانوا فيه عام 2018، فأحمد فتفت يترأس مجلس تحرير لبنان من الاحتلال الإيراني، واقترب من فارس سعيد، وبالتالي لن يكون مستبعداً تحالف نجله مع القوات اللبنانية في الانتخابات المقبلة.
إن تحرك القوات في طرابلس ينبغي أن يُثير قلق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، المرشح الطبيعي شبه الوحيد للسيطرة على المدينة جماهيريا، فهو حاضر بالحكومة، وجاهز بالمال، فهل سيقف متفرجاً على تحرك القوات في مدينته طرابلس أم سيكون له توجهاّ آخر؟