IMLebanon

تكامل “الحزب” و”التيار” في المسار التصعيدي “تحرير عرسال” عنوان فرضَ واقعاً جديداً

يتناوب ويتكامل كل من “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” في دفع البلاد الى الحدود القصوى فتشارف حافة الهاوية مرة بعد مرة. وقد ترك مضمون الخطابات في اليومين الاخيرين من الجانبين انطباعات قوية بان لبنان بات قاب قوسين او ادنى من المسارعة الى هذه الهاوية. فموجبات الضغط على الأفرقاء السياسييين الآخرين كما على الحكومة والجيش من اجل تحقيق اهداف كل منهما توحي بتسخير الخطاب التصعيدي تحت شعار معادلة اما السير بما نخطط ونريد او اننا سنفعل ما نخطط ونريد. فاستعاد العماد ميشال عون في اطلالتيه الاعلاميتين الاخيرتين كثيرا من خطاب العام 1989 في محاولة لتحفيز المناصرين لقضيته الرامية الى امتلاكه الحق، كما يقول، في “تعيين رئيس الجمهورية وتعيين قائد الجيش” فيضغط في اتجاه عدم وجود قائد “شرعي” للجيش. ويسعى في الذكرى الاولى للشغور في موقع الرئاسة الاولى الى تأكيد حقه في الموقع بصرف النظر عما قد يستغرقه ذلك.

في المقابل يجهد مسؤولو “حزب الله” في استخدام ذرائع من أجل تبرير معركة “تحرير عرسال من التكفيريين” من دون ايلاء أي اعتبار لكم هائل من التناقضات. ففي ظل تناقل الأنباء عن سيطرة الحزب على هذه التلة او تلك في القلمون وهروب المسلحين منها الى جرود عرسال باعتبارها المنفذ الوحيد المتاح لهم، ينزعج الحزب من الأسئلة والانتقادات لذهابه اصلاً الى القلمون ودفعه المسلحين في المقابل الى لبنان، ما يطرح مشكلة داخلية تنفيذا لأجندته الاقليمية لا يوافقه الافرقاء السياسيون عليها. اذ يرى خصومه انه مسؤول عن دفع المسلحين السوريين من القلمون الى لبنان في ظل سعيه من جهة اخرى الى محاولة ربط مناطقه بمناطق النظام السوري وعدم ترك اي بقعة يمكن ان تعكر صفو التواصل “المذهبي “. واذ يعرض احد المسؤولين في الحزب على تيار المستقبل المشاركة في ما يعتبره معركة تحرير عرسال تحت وطأة القبول ايضاً بقناة الحكومة اللبنانية والاجراءات التي تتخذها، لكن اذا لم يحصل هذا او ذاك “فاننا عازمون على ان نتخذ الاجراءات المناسبة”. ومع ان هذا الكلام يراد منه ان تطلب الحكومة من الجيش اللبناني تولي هذه المسألة، فانه استتباعا يشكك في قدرة الجيش من خلال قوله “اما ان يقول لنا البعض اجلسوا جانبا والقوى المسلحة الرسمية تقوم بالواجب، فامامكم تجربة الرمادي في العراق” كما يقول. فاذا كان يتعين على الحكومة ان تتخذ القرار فانها ستكلف الجيش وليس الحزب. وهو أمر يبدو ان القيادي من الحزب يرفضه ضمناً على رغم مطالبته به مشككاً في قدرة الجيش الذي يشبهه بالجيش العراقي الذي ترك اسلحته وهرب من الرمادي مفسحاً المجال امام تنظيم الدولة الاسلامية من اجل السيطرة عليها.

في جانب من هذا التصعيد الواسع، فان هذا الموقف المتناقض للحزب من الجيش اللبناني في ظل استمرار تشكيك حليفه العوني بشرعية قائده سعياً الى تعيين العميد شامل روكز مكانه يبدو بالنسبة الى مصادر سياسية كأنه يسلط السيف فوق رأس قائده العماد جان قهوجي. فبين استمرار محاولات الطعن في شرعية هذا الاخير من جانب العماد عون المطالب من الحزب بتأمين التغطية له من اجل “تحرير عرسال” كما يقول مؤمناً للحزب تحقيق شعاره عن تكامل “الجيش والشعب والمقاومة” في التحرير في ظل التجاذب السياسي الحاد بين احتمالي التمديد مجدداً لقائد الجيش أو تعيين بديل منه، يساهم ذلك وفق مصادر سياسية في إعطاء فكرة عن مدى توظيف فريق 8 آذار لكل أوراقه من اجل الحصول على مبتغاه حتى لو ادى ذلك الى توتير البلد الى حدود يبدو استقرارها معرضا للانهيار في اي لحظة.

وفي جانب آخر توضع الحكومة على محك القدرة على القرار والاستمرار في ظل حاجة الحزب الى غطاء سياسي وأمني لعملية يقوم بها من اجل “تحرير عرسال”، كما يقول، لئلا تتخذ معركته هناك طابعاً مذهبياً على رغم انه لوّح باستخدام الأهالي في بعلبك الهرمل، ما فسر بحتمية انخراط الجيش قسراً في المعركة من اجل الدفاع عن الاهالي في وجه التكفيريين. فثمة سعي الى تغطية سياسية من الحكومة ما يعني تغطية ضمنية او علنية من تيار المستقبل من شانها ان توفر على الحزب اتسام المعركة التي يعتزم خوضها بالطابع المذهبي وما يمكن ان يترتب عليها من انعكاسات خطيرة في البلد. والتحدي في هذه النقطة يبدو لرئيس الحكومة تمام سلام الذي رفض حتى الآن طرح موضوع عرسال على طاولة مجلس الوزراء وفقاً لما طالب به وزراء الحزب والتيار العوني ما يعني صراحة ان المعطيات التي يملكها لا تتسم بالتضخيم الذي يلجأ اليه هذان الطرفان وانه لن يسمح بتوريط الجيش في معركة قد تتحول الى حرب داخلية خصوصاً انه سبق للحزب ان احدث خضة مذهبية اكتسبت ابعاداً خطيرة في تورط ما يسمى سرايا المقاومة في صيدا ومحاربة ظاهرة احمد الاسير. واياً تكن الاتجاهات التي ستسلكها الامور تبعا لهذا التصعيد، فان علامات استفهام ترتسم حول مدى محاولة استباق التطورات في المنطقة بانشاء وقائع جديدة على الأرض في لبنان او السعي الى فرض واقع سياسي جديد انطلاقا من ان التأزم ليس داخليا فحسب بل مرتبط بالتطورات المتسارعة في المنطقة.