IMLebanon

متى تحرير قرار الشرعية؟

 

جميل أن يتحدث رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن التحرير في ذكرى 25 أيار وانسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان.

 

جميل أن يقول “في ذكرى التحرير نسترجع طعم الانتصار والكرامة ونتعهّد بمواصلة مسيرة استرجاع سيادتنا على كامل ترابنا ومياهنا”. لقد اعطي الرئيس عون نعمة الإحتفال بعيدين للتحرير: عيد 14 آذار الذي حصل سنة 1989 عندما أعلن حرب التحرير ضد الجيش السوري في لبنان، وعندما وعد بتكسير رأس حافظ الأسد رئيس النظام السوري، واعتقد لوهلة أنه هز المسمار وحرك العالم كله من أجل أن يأمر الأسد وجيشه بالإنسحاب من لبنان. لم يمنّ الله على عون بنعمة تحقيق حلمه بالنصر وبتحرير لو شبر واحد من المناطق التي كان يحتلها جيش النظام السوري. بقي متحصناً في قصر بعبدا حتى فر إلى السفارة الفرنسية في 13 تشرين 1990، وأتاح الفرصة التاريخية لجيش النظام السوري باحتلال القصر الجمهوري ووزارة الدفاع التي كانت بقيت عصية عليه، واعتبر أن دخوله إليها أكبر وأهم من انتصار يحققه ضد إسرائيل. والمؤلم بقسوة كيف أن الرئيس عون وتياره “الوطني الحر” يحتفلان كل عام بذكرى الهزيمة في 13 تشرين، على قاعدة أنه في ذلك اليوم تم القضاء على السيادة اللبنانية بينما بقي الجنرال حراً ولم يوقّع ويسلّم الختم.

 

وقال الرئيس عون في مناسبة 25 أيار أيضاً: “كما حاربنا العدو وحرّرنا الأرض علينا اليوم مجتمعين تحرير الدولة من الفساد وإعادة لبنان إلى سكة النهوض والازدهار. وحدها وحدة اللبنانيين تحقق الاصلاح وتعيد كرامة الحياة لمجتمعنا”. أين حارب الجنرال عون العدو الإسرائيلي وما هو فضله على اللبنانيين في التحرير؟ هل بات حلمه أن يتغنى بما يعتبره “حزب الله” انتصاراً وعيداً وهزيمة لإسرائيل؟

 

يتحدث فخامة الرئيس عن تحرير الدولة من الفساد ولكن لماذا لا يتذكر كيف أن الدولة كلها بحاجة إلى تحرير قرارها اليوم؟ لقد ناشده البطريرك بشارة الراعي فك أسر الرئاسة والشرعية ولكنه لم يفعل ولم يسمع ولم يقرأ ولم يستجب. هو يعتبر أن الشرعية حرة طالما هو متحالف مع “حزب الله” وطالما أن “الحزب” يبقيه في قصر بعبدا. ومعه يمكنه أن يرسم طريق إيصال جبران باسيل إلى القصر الجمهوري لا زائراً بل رئيساً.

 

عن أي طعم بالانتصار والكرامة يتحدث الرئيس؟ ولمن يتعهّد “بمواصلة مسيرة استرجاع سيادتنا على كامل ترابنا ومياهنا”؟ من يحتل الإرادة اللبنانية اليوم؟ ومن يسيطر على قرار الشرعية ويمسك بيده قرار الحرب والسلم وقرار الرئيس؟ كيف سيسترجع الرئيس السيادة اللبنانية على كامل ترابنا ومياهنا؟ هل تبدلت الأيام وانقلبت المقاييس حتى صار تيار الرئيس والرئيس يعتبران أن انتخاب بشار الأسد في لبنان، يمكن أن يشكل عامل تخويف لمعارضي العهد وحليفه “حزب الله”؟ هل بات العهد يعتبر أن استمراره متعلق ببقاء الأسد في قصر المهاجرين ولو بالقوة الإيرانية والروسية وبانتخابات صورية غير شرعية؟ هل السيادة الكاملة عند الرئيس وتياره تكون بأن يشارك تياره في لقاء مع أحزاب سرايا “حزب الله”، لكي يدّعوا على “القوات اللبنانية” لأنها مع مؤيدين لها من الأهالي اعترضوا مواكب منتخبي رئيس النظام السوري بشار الأسد في نهر الكلب والأشرفية؟ هل هذه حدود السيادة الجديدة التي يريد أن يسترجعها الرئيس وهل الهدف تحرير لبنان من القوى السيادية فيه؟

 

قد يكون من الأفضل لفخامة الرئيس أن يتوقف عند ما قاله البطريرك الراعي عن خطر استفزاز مشاعر اللبنانيين الذين سقط لهم شهداء بالآلاف على يد جيش النظام السوري، ومن بينهم جنود كانوا يقاتلون معه وتركهم في أرض المعركة ولجأ إلى السفارة الفرنسية. والذين لا يزال مئات من أبنائهم اسرى سجون ذاك النظام ومن بينهم أيضا رهبان وجنود كانوا يقاتلون ضد هذا الجيش وذاك النظام؟ هل سمع الرئيس كلام المطران الياس عودة عن خطأ هذا الإستفزاز أيضاً؟

 

قد يكون تاريخ 14 آذار ذكرى لا يحب عون أن يتذكرها. نسي أنه كان ضد سلاح “حزب الله” وضد النظام السوري ومع القرار 1559. فخامة الرئيس استرجاع السيادة اللبنانية يبدأ من هذا القرار. من تحرير الشرعية ومن انتخابات نيابية شرعية وانتخاب رئيس للجمهورية في موعده الدستوري، وليس في انقلاب على الدستور من أجل أن يتأمن البقاء في القصر ولو على جثة الجمهورية.