Site icon IMLebanon

في عيد التحرير… لا بديل من الدولة

 

 

 

يبدو أننا سنحتفل حتى وقت طويل بعيد التحرير مرفقاً بفخر وغصة على السواء، لكننا لن نيأس من الإصرار على أن يتحرر لبنان من الوصايات وتقوم الدولة الضامنة للحدود والأمن لكل الشعب اللبناني على اختلاف الفئات و”المكوّنات”.

 

لم نحقق في العقدين الماضيين سوى انجازين تاريخيين استراتيجيين: تحرير الجنوب والبقاع الغربي من الاحتلال الاسرائيلي في العام 2000، وتحرير لبنان من قبضة الاحتلال السوري في العام 2005، ويكاد اللبنانيون يخسرون رصيدي الانتصارين لأنهما لم ينتهيا الى عهدة الدولة وعمادها الجيش اللبناني.

 

كان حلم كثيرين المزاوجة بين التحريرين. لكن الرهان على “حزب الله” لقيادة هذا التوجه الإنقاذي نظراً لحجمه وفعاليته وواجبه في المبادرة سقط مباشرة بعد طرد الاسرائيلي، وتثبَّت بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ليتأكد بالملموس أن مشروعه الإقليمي والإيديولوجي أوسع من الكيان والصيغة وأبعد من طرد المحتلين، وأن منطقه في مقاربة الحرب والسلم يتجاوز الدولة وموجبات الالتزام بدستورها وقوانينها.

 

ليس الفساد جديداً في لبنان. لكن على هامش حالة اللادولة و”تنوّع” السلاح وحساسيات الطوائف وتقديم حسابات الصراع مع اسرائيل على سائر الحسابات، تم تقاسم ثروات اللبنانيين ونهبها، تارة عبر المحاصصة أو توافق السارقين، وطوراً عبر الابتزاز لتغطية سلاح “حزب الله”، فيما الحزب نفسه لم يقصّر في فك عرى الدولة، وتوزيع “سراياه” على المناطق، وتعريض علاقات لبنان مع الدول الخليجية والمجتمع الدولي لأفدح الأضرار.

 

لن ننعي لبناننا على الاطلاق. هذا وطن شهد مصاعب ومجاعات وحروباً طاحنة ثم تجدَّد بإرادة أهله واستعدادهم للتضحيات وجاذبية هذه الأرض مهما طال اغتراب كثيرين. صحيح أننا نمر في زمن رديء انتصرت فيه منظومة الفساد وساد انعدام الأخلاق والمسؤولية وترك الناس بلا حكومة “لأسباب شخصية وداخلية” حسب الرئيس بري، لكن اللبنانيين يملكون كل مقومات الشعوب الحرة، ودليلنا “عيد التحرير” و”ثورة الأرز” و”انتفاضة 17 تشرين” التي صارت في ضمير كل لبناني يؤمن بالمواطنة والنزاهة والحرية، ولعل مشروع “الحياد” البطريركي يشكل خلاصة تلك التجارب ويتوّجها ليدلَّنا الى طريق الخلاص نحو الأمان عبر الدولة المكتملة الأركان.

 

لن يكتمل التحرير ولا مشروع الحرية ولا محاربة الفساد إلا بقيام الدولة. وخلاف ذلك، مشاريع تطيل عذابات المواطنين، وترهن مصير أبنائهم للخارج، وتهدد بنسف أسس الكيان اللبناني.