IMLebanon

ليبيا “تعيسة ولا أحد يسأل عنها

ردّ أحد أبرز مصريي واشنطن على قولي إن اليمنيين أو بعضهم غير مبسوطين بضمّ السعودية أراضي يمنية قبل عقود، قال: “ربما كان ذلك صحيحاً. لكن السؤال الآن هو هل ستكتفي السعودية باستعمال الطيران الحربي والضربات الجوية ضد الحوثيين وجماعة علي عبدالله صالح في اليمن؟ أم ستخوض حرباً برّية بجيشها وجيوش حلفائها العرب السنّة والمسلمين السنّة غير العرب؟ وهل يكتفي حلفاؤها بالضربات الجوية”؟ أجبتُ: حقيقة، لا أعرف جواباً عن هذا النوع من الأسئلة. ما أعرفه أن الحرب البرية النظامية صعبة في بلاد كاليمن. عبد الناصر، الرئيس الراحل لمصر، هُزِم فيها بعد إرسال جيش برّي لمساندة “الثورة الجمهورية” أو بالأحرى الانقلاب العسكري على حكم الإمامة عام 1962. واضطر في حينه إلى اللجوء إلى العاهل السعودي فيصل بن عبد العزيز للانسحاب من اليمن على نحو مشرِّف. علَّق: “ربما، لكن إيران لا تستطيع أن تتدخَّل برّاً في إيران ولا جوّاً. فالمسافة طويلة بين البلدين وكذلك خطوط الإمداد. قد تستطيع السعودية وحلفاؤها احتواء الحرب في اليمن ومنعها من التحوُّل حرباً إقليمية مباشرة”. رددْتُ: ربما، لكنني أعتقد أن الحرب الأهلية في اليمن قد بدأت. والحوثيون سيطروا حتى الآن على الأقل على مناطق كثيرة. إلاّ أنهم عجزوا عن الوصول إلى الحكم. لم يُمنحوا الوقت الكافي لكي يحكموا. إستمرار هذه الحرب مرجَّح. على كل، هناك خوف سعودي على البحر الأحمر وباب المندب وتحديداً خوف من وصول إيران إلى هذه المنطقة وسيطرتها على “الباب” وعلى مضيق هرمز. علَّق: “مصر الآن في حالة جيدة نسبياً إذ بدأ البديل من “الإخوان المسلمين” يتّخذ شكله الفعلي”.

سألتُ: ماذا عن ليبيا؟ الحرب فيها مستمرة. ومن حدودها وحدود السودان يُهرَّب السلاح و”الجهاديون” والمتطرفون إلى مصر. أجاب: “الوضع في ليبيا بالغ التعاسة، والأكثر تعاسة هو أن أحداً لا يسأل عنها، لا أميركا ولا روسيا ولا الأمم المتحدة. الجميع يدعونها (مجلس نواب وأفرقاء وميليشيات وقبائل وتنظيمات إسلامية معتدلة وأخرى متشددة) إلى الحوار وتأليف حكومة جامعة. لكنهم عملياً لا يفعلون شيئاً أو لا يقدِّمون ما من شأنه تذليل صعوبات الحوار وتالياً التفاهم. طبعاً أوروبا، وخصوصاً إيطاليا وفرنسا، مرعوبة من ليبيا وما يجري فيها. فهي صارت مصدراً للمهاجرين غير الشرعيين إلى دولها ومن بين هؤلاء عدد لا بأس به من الإرهابيين”. علّقتُ: كان يُقال إن الإسلاميين الليبيين هم في جنوب بلادهم فقط. لكننا نراهم اليوم في طرابلس الغرب. وهم أيضاً وربما من زمان في بنغازي. ويُقال إن الأخيرة كانت ومنذ أيام العقيد الراحل معمَّر القذافي المركز الأول للتشدُّد الإسلامي الليبي. فهل تدخُل مصر عسكرياً ليبيا أو على الأقل بنغازي لدرء خطر متطرِّفيها الإسلاميين عنها”. أجاب: “هذا الكلام صحيح. فقوات “الضابط” الليبي النظامي حفتر لم تسيطر بعد على بنغازي كلها. أما التدخُّل العسكري المصري فيها فليس مطروحاً لأنه غير مفيد. المفيد هو ضبط الحدود المصرية – الليبية في صورة كاملة. وهذا ما يجري العمل عليه بجدِّية كبيرة. علماً أن الجنوب الليبي أتى إليه إسلاميو مالي بعدما طردهم الفرنسيون منها واستولوا عليه”.

ماذا في جعبة باحث سابق ومسؤول بارز حالياً في مؤسسة أميركية ذات نشاط واسع ومؤثِّر وإن غير سياسي في غالبية دول العالم؟

سأل في بداية اللقاء عن لبنان فشرحتُ له وضعه الهشّ وغير المستقر، ولكن غير المنفجر حالياً رغم ما يشهده محيطه من حروب. وشدُّدت على ضرورة بقائه على حاله هذا لأنه لا يستطيع أن يحسِّنها، وتلافي الوقوع في الأسوأ. ثم تحدّثنا عن الجيل الجديد من شعبه فسأل إذا كان متحمِّساً للحرب. فأجبتُ أن غالبيته أو قسماً كبيراً منه متحمِّس لها ربما أكثر من الجيل الذي عاش حروب 1975 – 1990 والذي يرفض تكرارها وإن تحت عناوين مختلفة. ويعود ذلك إلى عوامل عدة، منها عدم عيشه الحروب المشار إليها. تحدّثنا أيضاً عن المجتمع المدني في لبنان فقلتُ إنه موجود، لكنه غير فاعل. فعدد جمعياته كبير، لكن أعداد المنتسبين إليها قليلة. وهي غير قادرة على الحشد شعبياً ربما لأن الاصطفافات الطائفية والمذهبية وتحوُّل الصراع صراع وجود وبقاء جعلت غالبية اللبنانيين ومن كل “الشعوب اللبنانية” يلتحق كل منها بفريقه ويتعاطف معه وربما يقاتل معه خوفاً على نفسه.

سأل: “ماذا نستطيع أن نفعل في لبنان وله؟ وماذا يجب أن نفعل لدمج اللاجئين السوريين (Integrate) بالوضع اللبناني”؟ بماذا أجبْتُ؟