ليت وزير الحرب الاسرائيلي، كشف عن نواياه الاستطماعية بالبلوك النفطي التاسع الرابض تحت بحر جنوب لبنان، قبل الاثنين الماضي، على الأقل، لربما كان وفّر على اللبنانيين تداعيات تسرّب الغازات الموتّرة للأعصاب من بلوك محمرش وما ترتب عليها من تسميم للأجواء السياسية والأمنية، والعودة بالذاكرة الى ماضٍ انقضى، كما تراءى للبنانيين طويلا…
ربما هي رمية من غير رامٍ، كما يقولون… وكأن الوسط السياسي اللبناني العالي التوتر بحاجة لمثل هذه الصاعقة العدوانية، لتعيد له وعيه وتستعيد له بصيرته، وتوحّده مجددا أمام العدو المشترك.
الحركة والتيار، استشعرا الحاجة الى مخرج من دوّامة اعتذار الوزير باسيل عما جاء عن لسانه واعتذار أمل، عن تجاوز مناصريها لخطوط التفاهمات السياسية في سنّ الفيل والحدث، فاذا بتصريحات ليبرمان توفّر لهما المخرج الواسع، فالنفط والغاز الموعودان، هما الجامع المشترك بين اللبنانيين، وهما الحلم والحرم، ويمكن أن يتهاونوا بأمور كثيرة، أمام هذه الثروة الموعودة، لبلد ديونه تخطّت ناتجه العام.
الرئيس عون أخذ مبادرة. الاتصال بالرئيس بري في حضور رئيس الحكومة سعد الحريري العائد من تركيا، قائلا له: التحديات الماثلة أمامنا تتطلب طيّ صفحة ما جرى مؤخرا، ما بدا، بعد طلبه المسامحة المتبادلة بين الطرفين، موقفا من رئيس الجمهورية، لا يُرد.
وأضاف الرئيس الحريري الى كلام الرئيس عون الهاتفي قوله للصحافيين: كرامة الرئيس بري من كرامتي، كما هي من كرامة الرئيس عون وكرامة الشعب اللبناني…
وكفى الله أهل التسوية السياسية شرّ النقار…
الرئيس بري كان تطرّق في مجالسه الخاصة، صباح أمس الى ملامح هجمة اسرائيلية على لبنان من بوابة البلوك النفطي التاسع، مستفيدة من الموقف الروسي المتغيّر تجاه أزمات المنطقة.
واتسعت دائرة القلق اللبناني الى حدّ ادراج زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو الى موسكو، في خانة النوايا الاسرائيلية حيال جنوب لبنان وبحره، كما جنوب سوريا، المهدّد بمواجهة ما حلّ بشمالها، معطوفة على تصريحات وزير الحرب الاسرائيلي ليبرمان الذي ادعى ملكية اسرائيل للبلوك النفطي المقرر تلزيمه رسميا الأسبوع المقبل، اضافة الى التصريحات الاسرائيلية حول مخازن الأسلحة المزعومة لحزب الله في الجنوب…
وكان بري أثار موضوع المساحة البحرية اللبنانية، التي تحاول اسرائيل قضمها مع ما فيها من مخزون النفط والغاز، مع الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير عندما التقاه في عين التينة، وأمل منه أن تتولى بلاده، القيّمة على الأمن البحري لقرار مجلس الأمن ١٧٠١ منذ العام ٢٠٠٦، المساعدة في ترسيم الحدود البحرية الجنوبية للبنان، وهو ما عجزت عنه الأمم المتحدة، التي دعت بلسان أمينها العام السابق الى مراجعة الأميركيين بهذا الشأن!
بعض الأوساط المتابعة رجحت أن تكون غاية ليبرمان من تصريحاته التهديدية، التهويل على الشركات الدولية الثلاث التي رسا عليها التنقيب عن النفط في هذا البلوك، التراجع عن توقيع العقد في الموعد المحدّد، الأسبوع المقبل!…
وتشير الأوساط الى ان لقاء الثلاثاء بين الرؤساء سيأخذ لبنان الى حائط المبكى الدولي، كملاذ أخير، مع لفت الانتباه الى ان الاثارة الاسرائيلية لهذا الموضوع الآن، مقرونة بالتهديد بالعدوان، سيعزز ضرورة ومكانة حزب الله على مختلف الصعد اللبنانية والمجالات.
الاتصال الرئاسي الهاتفي تمخض عن الاتفاق على وقف الحملات الاعلامية، من دون الاشارة الى الحملات الشارعية، كون أمل تنكر علاقتها التنظيمية بها.
والتقدير ان لقاء الثلاثاء الموعود، سيفكّ أسر المراسيم العالقة، والقوانين الممنوعة التعديل، فضلا عن الانتخابات التي لكثرة ما واجهت من شدّ ورخي، ومدّ وجزر، بدأت تناشدهم: أجّلوني!