نحن لا ننتظر شيئاً من القمة العربية. مَن نحن؟ نحن المواطنون العرب الذين «جربوا المجرّب» منذ ثلاثة أرباع القرن وحتى اليوم من دون أي نتيجة.
فالقمة العربية غير ذات فاعلية. وهي في هذا المجال مثل «المؤسسة الأم» أي جامعة الدول العربية التي عمرها لم تنجح في أن تنفذ قراراً واحداً من قرارتها التي تناولت الأزمات الكبرى والقضايا المصيرية والحروب وكذلك الإشكالات والخلافات بين الدول الأعضاء. وما يتم تنفيذه يكون بالتفاهم في اللقاءات الجانبية بين القادة وليس في القرارات العامة.
الجامعة، مثل العرب عموماً، بارعة في كيل المدائح وتوجيه الشكر والعرفان… ومن المجاملات والكلمات التي اعتدنا عليها، ولعلّي كنت جزءاً منها سواء، أفي كلام ألقاه وزير لبناني في قمة على مستوى الجامعة إذا كنت مشاركاً في الوفد، أو على مستوى اتحاد وكالات أنباء الدول العربية والمؤتمرات التي عقدتها إنْ في لبنان أو في بلدان شقيقة أخرى.
ولو جرّدنا الخطابات التي تلقى في القمم وسائر مستويات الاجتماعات العربية بما فيها قمة تونس.. لو جردناها من كلمات وفقرات المجاملة على قاعدة «بالشكر تدوم النعم» لوفّرنا وقتاً ثميناً لأصحاب الجلالة والفخامة والسمو (وهذا هو التصنيف البروتوكولي المعتمد في الجامعة بدءاً بالملوك فالرؤساء فالأمراء قادة الدول)… علماً أنّ بيننا وبين الوقت عداءً مزمناً تحققت منه في مؤتمرات الجامعة التي حضرتها، مهما كان مستواها، وشاركت في بعضها بصفة رسمية. وخصوصاً مؤتمرات القمة التي يحدد موعد جلستها (وفق برنامج معد سلفاً) نحو الظهيرة إلاّ أن جلالتهم وفخامتهم وسموهم لا يجتمعون قبل أواخر المساء – أوائل الليل.
وكي لا نظلمهم أود أن أشير الى أنّ هذه حال الشعوب العربية وليست حال القادة والزعماء الحكام العرب وحدهم، وعلى سبيل المثال لا الحصر أذكر إنني كنت (في آنِ معاً) رئيساً لاتحاد وكالات أنباء الدول العربية ورئيساً لرابطة وكالات أنباء دول حوض البحر الأبيض المتوسط. وكان الحضور العربي طاغياً من حيث العدد: لبنان وسائر بلدان الحوض الشرقي في قارة آسيا الى دول شمال أفريقيا العربية مروراً بمصر بالطبع… ولكن الحضور الأوروبي كان لافتاً ومميزاً فالرابطة تضم وكالات أنباء فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال واليونان وقبرص وتركيا (…).
وفي إطار الوقت وقيمته أذكر أننا كنا نحدد موعد اجتماعاتنا (سواء أفي بيروت أم في أي عاصمة أخرى) نحو العاشرة والنصف صباحاً. في الاتحاد العربي يبدأ الاجتماع نحو الأولى أي بتأخير ساعتين ونصف الساعة على الأقل.
اما في الرابطة الأوروبية فيبدأ الاجتماع في الوقت المحدد، ويكون الزملاء الأوروبيون أوّل الواصلين… وأسمح لنفسي أن أضيف أنهم ما كانوا ليغرقونا في المداخلات المطوّلة والعواطف والثرثرات، فإذا ما تحدث أحدهم اختصر، وكان لديه ما يقوله!
فهل هي مجرد مصادفة أن نتحدث عن الفارق بالسنوات الضوئية بين أين هم وصلوا وأين نحن راسفون ولماذا؟!