Site icon IMLebanon

عملية محدودة وأهداف مفتوحة!

 

لا أحد يشكّ أو يشكّك في أن شعب غزة استثنائي في صموده في وجه اسرائيل، وبصبره على حكم “حماس” وإدارتها للسلطة بما يتناسب مع ارتباطاتها وعدائها للضفة الغربية ومن يحكمها، بحيث يبدو الانفصال الحاصل بالجسم الفلسطيني طبيعياً رغم انه لا يخدم إلا اسرائيل.

 

حركة “حماس” التي تحكم غزة وأهلها وتتحكم بعيشهم وحاضرهم وحتى مستقبلهم، أشاعت بأن صواريخها أسقطت وزير الدفاع الاسرائيلي المتطرف أفيغدور ليبرمان. بهذا الشعار أعلنت “حماس” انها ربحت المواجهة ولتفتش اسرائيل عن أسباب خسارتها لهذه المعركة. لو كانت الأمور بهذه البساطة لكان كل غزاوي يتمنى ومعه كل فلسطيني ان تتكرر كل يوم مثل هذه المعارك. المشكلة ان الفارق كبير بين التخيلات والواقع والوقائع:

 

* لا يعرف حتى الآن لماذا دخلت الوحدة العسكرية الاسرائيلية العالية التدريب والتي تكلف عادة بالمهمات الصعبة الى غزة وبقيادة الضابط الرفيع الرتبة الذي قتل اثناء المواجهة الاولى. وما لم يتم تحديد الهدف من العملية لا يمكن تحديد ما اذا كانت قد وقعت في كمين ام “ان الصدفة كانت أفضل من ميعاد”. ومن الواضح انه لم يكن هناك توجه اسرائيلي لإشعال حرب صغيرة او كبيرة خصوصاً وأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كان خارج اسرائيل، ولا يمكن لوزير الدفاع إشعال حرب في ظل غياب رئيس الوزراء مهما تمادى في استقلاليته.

 

* ان “حماس” لم تتقصّد في ردها العسكري الانزلاق نحو مواجهة واسعة والدليل الميداني على ذلك انها عندما استخدمت صاروخ “كورنيت” ضد الحافلة الاسرائيلية اكتفت بتوجيه رسالة وصلت بقوة النار وعلى غرار قصف المدمرة الاسرائيلية بالقرب من الشاطئ اللبناني في حرب ٢٠٠٦ بين “حزب الله” وإسرائيل. ولتأكيد محدودية الهدف من العملية فإنه جرى عمداً كما يقول الاسرائيليون ان الباص قصف بعد نزول الجنود منه وهم بالعشرات. وما هذا الحذر “الحمساوي” الا نتيجة حسابات دقيقة بأن سقوط عدد كبير من الجنود بالصاروخ يعني فتح باب المواجهة على مصراعيه في وقت غير مناسب عربياً واقليمياً.

 

*غزة منذ سنوات ميدان مفتوح لاختبار الأسلحة مهما بدا ذلك قاسياً ومؤلماً لان الغزاويين يدفعون الثمن من ارواحهم وممتلكاتهم. جاءت هذه المواجهة الصغيرة لتغطي الاتفاق الذي اقل ما يوصف به ومهما بدا ذلك قاسياً بأنه “معيب”. لقد قبلت “حماس” مقابل مرور ١٥مليون دولار لدفع الرواتب في إيقاف تدريجي لـ “مسيرات العودة” وبعد ان سقط مئات الشهداء والجرحى. اما بالنسبة للاسلحة، فإنه جرى اختبار “القبة الحديدية” بالنار. فقد أطلق مقاتلو “حماس” ٤٦٠ صاروخا أسقطت “القبة الحديدية ” منها ١٢٠ صاروخاً، في حين سقط منها ٣٠ صاروخاً في أمكنة أوقعت اضراراً وجرحى. أما الباقي فسقط في أمكنة خالية لانه لم يتم استهدافها في الرد الاسرائيلي ضمن حسابات مدروسة. باختصار، “حماس” وبطبيعة الحال الايرانيون سيعملون على الاستفادة من دراسة النتائج لتطوير الصواريخ وكيفية استخدامها بقصفها بطريقة منتجة اكثر. بدورها فإن اسرائيل ستعمل بسرعة اكبر على تطوير سلاح الليزر الأقل كلفة لان ثمن كل صاروخ يطلق حوالي مائة الف دولار.

 

* من المبكر ايضاً حسم هل استقالة ليبرمان هي بالاتفاق مع نتنياهو ام بقرار احادي؟ المهم ان كل ما جرى ويجري هو تحت “قبة” الانتخابات التشريعية التي يجب ان تتم بعد سنة من الآن. الحكومة الحالية تقف على حافة السقوط والانهيار معاً، اذ انها تملك ٦١ صوتاً مقابل ٥٩ للمعارضة. ليبرمان يقدم نفسه من خلال استقالته للانتخابات القادمة على أنه “المسؤول الوحيد عن أمن اسرائيل” وأنه “سيد الأمن الناضج والمسؤول” وليس المتهور والطموح بأي ثمن للوصول. اما نتنياهو فليس من مصلحته اجراء انتخابات مبكرة وهو الذي يعاني من الملاحقة القضائية واتهامات من المستوطنين خصوصاً المتواجدين في ” قشرة” غزة بأنه تخلى عنهم.

 

تَرك الانتخابات الى العام المقبل إيجابي للجميع، اذ سيتبين “الخيط الابيض من الاسود” بكل ما يتعلق بالمشاريع الموضوعة حول المنطقة سواء مشروع “الشرق الاوسط الكبير” أو ما يتعلق بإيران والحصار الأميركي عليها…