بين موعد التوصل الى اتفاق بين الدول الخمس الكبرى زائد المانيا مع ايران حول ملفها النووي واستيعاب الاتفاق ومفاعيله من الدول الغربية والاقليمية على حد سواء والتموضع في المرحلة المقبلة استعدادا لما بعد هذا الاتفاق فرصة أو نافذة قد تمتد بين بضعة اسابيع ولا تتعدى الشهر أو اكثر بقليل تبحث مصادر ديبلوماسية في بيروت في امكان الاستفادة منها من اجل محاولة تمديد مفاعيل المظلة الدولية فوق لبنان بتحصين وضعه السياسي والمساعدة في انجاز استحقاقاته. فالتصعيد السياسي الذي لجأ اليه زعيم التيار الوطني الحر وتوظيفه الضغط في الشارع من اجل الضغط على الحكومة ورئيسها والذي تمت متابعته عن كثب شكل في مكان ما مؤشرا الى ما يمكن ان تتجه اليه الامور على رغم ضبط كبير تحلى به الافرقاء السياسيون ازاء التصعيد الكلامي والسياسي الذي حصل خصوصا ان هذا التصعيد أخرج عن الاطار السلمي في بعض مراحله. ومع الادراك المسبق بأن الأفرقاء المؤثرين كما رئيس الحكومة سيسعون الى إبقاء الامور تحت السيطرة بحيث لا تؤدي الى تهديد الحكومة أو تهديد الوضع الامني، فان المخاوف تساور المصادر المعنية التي تتساءل اذا كانت الفرصة متاحة بين توقيع الاتفاق النووي ودخول مفاعليه السياسية حيز التنفيذ من اجل محاولة اقتناص اللحظة كما حصل لدى تأليف حكومة الرئيس تمام سلام من اجل اقناع الدول الاقليمية بالعمل على تمرير انتخاب رئيس للجمهورية والاتفاق على حكومة جديدة. فبالنسبة الى هذه المصادر فان الذرائع التي استخدمت في محاولة اقناع ايران والمملكة العربية السعودية من اجل المساعدة في هذه الخطوة لا تزال قائمة لا بل باتت اكثر الحاحا. والتوجه الى طهران والرياض انما يستند الى الاقتناع بانهما مسؤولتان عن الوضع في لبنان وليس الولايات المتحدة أو أي بلد آخر وان كانت هذه يمكن ان تقدم المساعدة. اذ انه من جهة ثمة ضرورة لأن يبقى لبنان كما كانت سويسرا ابان الحرب العالمية الثانية حاجة للدول المحيطة يتم التنفس من خلالها على ما يحصل بالنسبة الى لبنان باعتبار انه يبقى متنفسا للافرقاء السوريين وخصوصا للنظام على صعد عدة للاعتبارات المعروفة في ظل التطويق الذي بات يعاني منه في الآونة الاخيرة، حتى ان لبنان يشكل مقصدا للشيعة العراقيين مثلا الذين باتوا يحذرون تبعا لطبيعة الصراعات في العراق والمنطقة التوجه الى الدول العربية. وهذه بعض الذرائع التي قد تنفع مع ايران من اجل الابقاء على تماسك الوضع الداخلي وتأمين استمرارية الاستقرار وتدعيمه عبر دعم التوافق على رئيس للجمهورية بعدما بات التيار العوني حليف “حزب الله” يعترض على صلاحيات رئيس الحكومة السني بذريعة انه يستحوذ على صلاحيات رئيس الجمهورية ايضا. وفي حال صح ذلك وفقا للدعم الذي يمحضه الحزب لحليفه المسيحي فان هذا يمكن التخفيف من وطأته من خلال الدفع في اتجاه انتخاب رئيس جديد انطلاقا من اعتبارين على الاقل احدهما ان أي حل داخلي لهذا المأزق غير محتمل لأن الافرقاء الداخليين لا يملكون ان يقدموا الحلول فعلا لأن الازمة اكبر من هذه الذريعة التي يتم رفعها وهي لا تقع فعلا من ضمن قدرة هؤلاء جميع الافرقاء المعنيين. ومن ثم لانه اذا كان الرئيس سلام مستحوذا كرئيس حكومة محسوب على قوى 14 آذار على صلاحيات رئيس الحكومة وعلى صلاحيات رئيس الجمهورية أو الجزء الاكبر منها كما يقول التيار الوطني فانه قد يكون اجدى لايران والحزب المساعدة في الوصول الى انتخاب رئيس يكون لهم نصفه على الاقل متى كان توافقيا بدلا من ان يبقى هذا الموقع شاغرا ومجيرا لمجلس الوزراء حتى لو تم التوافق على الية توافقية أخرى. هذا اذا لم يؤخذ في الاعتبار الحاجة الماسة لابقاء الحزب مرتاحا من دون خضات داخلية بالتزامن مع المأزق الذي يواجهه في سوريا.
وثمة ذرائع مماثلة تفيد بالنسبة الى المملكة السعودية وان كان من مقلب مختلف انطلاقا من ان التطورات الميدانية السورية خصوصا في اتجاه حمص يمكن ان تشكل مخاطر كبيرة على لبنان بحيث يتطلب الوضع تحصينا له عبر انتخاب رئيس يشكل طمأنة لكل القوى.
الى هذه الاعتبارات ثمة اعتقاد انه يجب النفاذ في هذه الفرصة التي تعتقد هذه المصادر بانها ستكون متاحة ببعض الاستحقاقات اللبنانية قبل أي بحث في موضوع اقليمي آخر لأن كلا من هذه المواضيع يستغرق وقتا طويلا ومن غير المرجح ان يستطيع لبنان الانتظار حتى الانتهاء منها ولا سيما اذا فتح موضوع بدء مفاوضات جدية حول الازمة السورية. اذ انه في هذه الحال سيربط لبنان مجددا بنتائج الرهانات والحسابات في الموضوع السوري ونتائجه ايضا. ومع ان هناك اراء متناقضة في شأن امكان بدء مفاوضات جدية حول سوريا مع اعتقاد البعض ان الرئيس الاميركي باراك اوباما سينصرف في المدة الفاصلة عن نهاية ولايته الثانية الى تدعيم انجازاته في الملف الايراني والعلاقات مع كوبا ومشروع الاوباما كير وتاليا لن يكون محتملا العمل بجدية على الموضوع السوري، فان ذلك يشكل عاملا اضافيا من اجل الدفع قدما بموضوع لبنان قبل أي شأن آخر على رغم الاقرار بان ذلك قد لا يكون سهلا في ظل حسابات معروفة أو غير معروفة للدول المؤثرة فيه وعليه.